مقال

نفحات إيمانية ومع أول رجل سل سيفه فى الإسلام ” جزء 13″

نفحات إيمانية ومع أول رجل سل سيفه فى الإسلام ” جزء 13″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث عشر مع أول رجل سل سيفه فى الإسلام، فأرسل إليهم كلا من عمران بن حصين وأبي الأسود الدؤلي، فذهبا إلى السيدة عائشة رضى الله عنها، فقالا لها، إن أميرنا بعثنا إليك نسألك عن مسيرك فهل أنت مخبرتنا، فقالت والله ما مثلي يسير بالأمر المكتوم، ولا يغطي لبنيه الخبر، إن الغوغاء من أهل الأمصار ونزاع القبائل غزوا حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحدثوا فيه الأحداث وآووا فيه المحدثين، واستوجبوا فيه لعنة الله ولعنة رسوله صلى الله عليه وسلم، مع ما نالوا من قتل إمام المسلمين بلا ترة ولا عذر، فاستحلوا الدم الحرام فسفكوه، وانتهبوا المال الحرام، وأحلوا البلد الحرام، والشهر الحرام، ومزقوا الأعراض والجلود.

 

وأقاموا في دار قوم كانوا كارهين لمقامهم ضارين مضرين غير نافعين ولا متقين لا يقدرون على امتناع ولا يأمنون، فخرجت في المسلمين أعلمهم ما أتى هؤلاء القوم وما فيه الناس وراءنا وما ينبغي لهم أن يأتوا في إصلاح هذا، وقرأت قول الحق سبحانه وتعالى ” لا خير فى كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس” وقالت ننهض في الإصلاح ممن أمر الله عز وجل وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصغير والكبير والذكر والأنثى، فهذا شأننا إلى معروف نأمركم به ونحضكم عليه ومنكر ننهاكم عنه ونحثكم على تغييره، فأتيا طلحة فقالا، ما أقدمك، قال الطلب بدم عثمان، قالا ألم تبايع عليا، قال بلى، واللج على عنقي وما استقيل عليا إن هو لم يحل بيننا وبين قتلة عثمان.

 

ثم أتيا الزبير فقالا ما أقدمك، قال الطلب بدم عثمان، قالا ألم تبايع عليا، قال بلى، واللج على عنقي وما استقيل عليا إن هو لم يحل بيننا وبين قتلة عثمان، ورأى عثمان بن حنيف أن يمنعهم من دخول البصرة حتى يأتي الإمام علي بن أبي طالب، فقام طلحة ثم الزبير يخطبان في أنصار المعسكرين، فأيدهما أصحاب الجمل، ورفضهما أصحاب عثمان بن حنيف، ثم قامت السيدة عائشة تخطب في المعسكرين، فثبت معها أصحاب الجمل، وانحازت إليها فرقة من أصحاب عثمان بن حنيف، وجاء حكيم بن جبلة العبدي، وكان من قتلة عثمان، وسب السيدة عائشة، وكان لا يمر برجل أو امرأة ينكر عليه أن يسب عائشة إلا قتله، فانتشب القتال، واقتتلوا قتالا شديدا.

 

فقتل عددا ممن شارك في قتل عثمان قدر بسبعين رجلا، واستطاع الزبير بن العوام وطلحة ومن معهما أن يسيطروا على البصرة، وتوجه الزبير إلى بيت المال، وأخلى سبيل عثمان بن حنيف، وقد وصل علي بن أبي طالب إلى ذي قار، وأرسل الرسل بينه وبين طلحة والزبير والسيدة عائشة، فأرسل القعقاع بن عمرو إليهم فقال للسيدة عائشة، أي أماه، ما أقدمك هذا البلد؟ فقالت أي بني، الإصلاح بين الناس، فسعى القعقاع بن عمرو بين الفريقين بالصلح، واتفقا على الصلح، ولما عاد القعقاع إلى علي وأخبره بما فعل، فارتحل علي حتي نزل بحياهم، ولما نوى الرحيل قال، وإني راحل غدا فارتحلوا، ألا ولا يرتحلن غدا أحد أعان على عثمان بشيء في شيء من أمور الناس، وليغن السفهاء عني أنفسهم.

 

فلما قال هذا اجتمع جماعة من قتلة عثمان بن عفان كـالأشتر النخعي، وشريح بن أوفى، وعبد الله بن سبأ، فقال الأشتر، قد عرفنا رأي طلحة والزبير فينا، وأما رأي علي فلم نعرفه إلا اليوم، فإن كان قد اصطلح معهم، فإنما اصطلح على دمائنا، وقال عبد الله بن سبأ، يا قوم إن عيركم في خلطة الناس، فإذا التقى الناس فانشبوا الحرب والقتال بين الناس، ولا تدعوهم يجتمعون، فأشعلوا القتال بين الطرفين، وقُتل طلحة بن عبيد الله بعد أن أصابه سهم، وانصرف الزبير عن القتال، حيث التقى بعلي بن أبى طالب فقال له، يا زبير، أنشدك الله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول “إنك تقاتلني وأنت ظالم؟” قال نعم، لم أذكره إلا في موقفي هذا، فلما تذكر الزبير ذلك انصرف عن القتال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى