مقال

نفحات إيمانية ومع إنسانية الحضارة الإسلامية ” جزء 10″

نفحات إيمانية ومع إنسانية الحضارة الإسلامية ” جزء 10″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء العاشر مع إنسانية الحضارة الإسلامية، وقيام الحضارة الإسلامية على مبادئ مهمة منها السماحة وهى التي تعني قبول الآخر، برأيه ودينه ومعتقده، فلا تحارب من يخالفها، معطية إياه حريته، مالم تمس تلك الحرية بقيم المجتمع، وتهدد أمنه ومبادئه، وكذلك الإنسانية، حيث تراعي الحضارة الإسلامية حاجات الإنسان، وطباعه، فتعطيه ما يمكنه من الاستمرار في الحياة، ضمن ضوابط تستمدها من الشريعة الإسلامية الرحبة، وتحثه على العمل إلى جانب العبادة، فتوازن بهذا بين الروح والجسد، وبين الحياة والمعتقد، وأيضا العالمية، ومعناها أن الإسلام رحب لا يضيق بأهله، فهو للناس كافة، عربهم وعجمهم، سودهم وبيضهم، وهو على ذلك كله صالح لكل زمان ومكان.

 

وأيضا البساطة، حيث تقوم الحضارة الإسلامية على مبدأ البساطة والليونة، متجنبة التعقيدات التي من شأنها أن تعيق البناء والتقدم، وتأخر الأثر وتضيع الجوهر، والحضارة هي نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي، وتتألف الحضارة من عناصر أربعة، وهم الموارد الاقتصادية، والنظم السياسية، والتقاليد الخُلقية، ومتابعة العلوم والفنون وهي تبدأ حيث ينتهي الاضطراب والقلق، لأنه إذا ما أمِن الإنسان من الخوف، تحررت في نفسه دوافع التطلع وعوامل الإبداع والإنشاء، وبعدئذ لا تنفك الحوافز الطبيعية تستنهضه للمضي في طريقه إلى فهم الحياة وازدهارها وباختصار الحضارة هي الرقي والازدهار في جميع الميادين والمجالات.

 

ويمكن أن تكون كلمة الحضارة بمعناها اللغوي والاصطلاحي، إحدى الكلمات التي تشكل محورا جدليا عاما بين العلماء، فالكثيرون حاولوا أن يعرفوها ويوصفوها، وهذا ما خلق نوعا من التفاوت بين ما وصلوا إليه، فالحضارة هي مجموع السلوكيات التي يكتسبها الإنسان في أي مجتمع من المجتمعات، ناقلا مكتسباته تلك من الجيل الذي يكبره سنًا، ومورثا إياها إلى جانب ما تعلمه بنفسه إلى الجيل الذي يليه، وهكذا ويمكن القول بأن الحضارة ضد البداوة وهي المدنية، وإن الإسلام إقرار واعتقاد خالص من القلب، بتوحيد الله، ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وبالبعث، وهو الالتزام بكل ما جاء به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فالإسلام على ذلك، أن يسلم المرء ويقر بأن عالمه المادي الذي يعيش وبكل ما فيه.

 

ليس هو العالم الكامل، وإن لهذه الحياة ما يتمها، فهنالك خالق واحد أوجد الوجود كله، وإليه المعاد، وأن يقر الإنسان بأنه لم يوجد الأشياء حوله، بل ليس هو من أوجد ذاته، فيؤمن بالله وأنه خالق كل شيء، ويعرف في قرارة نفسه بما ينعكس عليه، أن هذا الإله يحيي ويميت، فلا شيء يشبهه، وبأنه “قديم لا أول له، وباقى لا أخر له، وقادر لا حدود لقدرته” ولتمام العلم بأمر الإسلام يكفي أن يحضر في الأذهان ما يرويه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال “بنى الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان” وترتكز الحضارة على البحث العلمي والفني التشكيلي بالدرجة الأولى.

 

فالجانب العلمي يتمثل في الابتكارات التكنولوجيا وعلم الاجتماع فأما الجانب الفني التشكيلي فهو يتمثل في الفنون المعمارية والمنحوتات وبعض الفنون التي تساهم في الرقي. فلو ركزنا بحثنا على أكبر الحضارات في العالم مثل الحضارة الرومانية سنجد أنها كانت تمتلك علماء وفنانين عظماء. فالفن والعلم هما عنصران متكاملان يقودان أي حضارة، ويذهب البعض إلى اعتبار الحضارة أسلوب معيشي يعتاد عليه الفرد من تفاصيل صغيرة إلى تفاصيل أكبر يعيشها في مجتمعه ولا يقصد من هذا استخدامه إلى احدث وسائل المعيشة بل تعامله هو كإنسان مع الأشياء المادية والمعنوية التي تدور حوله وشعوره الإنساني تجاهها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى