مقال

نفحات إيمانية ومع صاحب أشهر دار فى الإسلام ” جزء 3″

نفحات إيمانية ومع صاحب أشهر دار فى الإسلام ” جزء 3″

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع صاحب أشهر دار فى الإسلام، وقد هاجر أبو عبد الله الأرقم إلى يثرب، وشارك مع النبي صلى الله عليه وسلم، في غزواته كلها وتوفي الأرقم بالمدينة المنورة في خلافة معاوية بن أبي سفيان، وقد جاوز عمره الثمانين، وكانت أم الأرقم هي السيدة أميمة بنت الحارث بن حبالة الخزاعية، وقيل اسمها تماضر بنت حذيم من بني سهم من قريش، وقيل اسمها صفية بنت الحارث بن خالد الخزاعية، وقد هاجر الأرقم إلى يثرب، وآخى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بينه وبين أبي طلحة زيد بن سهل، وقد شهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم، الغزوات كلها، ومنحه النبي صلى الله عليه وسلم، سيفا من غنائم غزوة بدر، كما أسند إليه النبي صلى الله عليه وسلم، أمر الصدقات.

 

وكانت دار الأرقم وهي دار الأرقم بن أبي الأرقم التي كان رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يجتمع فيها مع أوائل المسلمين في مكة المكرمة، وكان ذلك في بداية دعوته حيث كانت الدعوة في ذلك الوقت سرية، وكانوا يتعلمون أسس الإسلام وكانوا يقرأون ما ينزل الله عز وجل من القرآن الكريم على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وفيها أسلم كبار الصحابة ومنهم عمر بن الخطاب، وكانت تقع دار الأرقم على سفح جبل الصفا في الجهة الجنوبية الشرقية من الكعبة، وتبعد عنها مسافة مائة وثلاثون مترا، وبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم، يدعو إلى الإسلام في دار الأرقم حتى تكاملوا أربعين رجلا، فخرجوا يجهرون بالدعوة إلى الله، فكانت أول دار للدعوة إلى الإسلام.

 

وكانت عند الصفا وقد صارت فيما بعد ذلك للمهدي فوهبها لامرأته الخيزران بنت عطاء أم أبو محمد موسى الهادي وهارون الرشيد، وقيل أنها أشترتها، فعندما ذهبت للحج سنة مائة وواحد وستون للهجرة، قيل أنها بنتها وجددتها فعرفت بها، ثم وهبتها للمسجد الحرام، ولقد كان سبب اختيار رسول الله صلى الله عليه وسلم، لدار الأرقم هو أن الأرقم لم يكن معروفا بإسلامه، فما كان يخطر ببال قريش أن يتم لقاء محمد صلى الله عليه وسلم، وأصحابه بداره، وأن الأرقم بن أبي الأرقم من بني مخزوم، وقبيلة بني مخزوم هي التي تحمل لواء التنافس والحرب ضد بني هاشم، فلو كان الأرقم معروفا بإسلامه فلا يخطر في البال أن يكون اللقاء في داره، لأن هذا يعني أنه يتم في قلب صفوف العدو.

 

وكان الأرقم فتى عند إسلامه، فلقد كان في حدود السادسة عشرة من عمره، ويوم أن تفكر قريش في البحث عن مركز التجمع الإسلامي، فلن يخطر في بالها أن تبحث في بيوت الفتيان الصغار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل يتجه نظرها وبحثها إلى بيوت كبار أصحابه، أو بيته هو نفسه، وهكذا كان من الصالحين فى الأرض الأرقم بن أبى الأرقم، الذى قام بدور بطولى فى حماية الدعوة الإسلامية فى مهدها، فقد غامر بكل شىء وفتح داره للمسلمين يلتقون فيها كى يحتمون من عذاب قريش، وكى يفكرون فى غدهم، وهكذا تعد دار الأرقم رضي الله عنه إحدى الدور التي كان لها دور مهم في تاريخ الإسلام، فقد كانت المحضن التربوي الأول.

 

الذي ربى النبي صلى الله عليه وسلم فيه طليعة أصحابه الذين حملوا معه المسؤولية الكبرى في تبليغ رسالة الله تعالى، ويقول ابن عبد البر، وفي دار الأرقم هذا كان النبي صلى الله عليه وسلم مستخفيا من قريش بمكة يدعو الناس فيها إلى الإسلام في أول الإسلام حتى خرج عنها وكانت داره بمكة على الصفا فأسلم فيها جماعة كثيرة وهو صاحب حلف الفضول، وعن محمد بن عمران بن هند عن أبيه قال، حضرت الأرقم بن أبي الأرقم الوفاة فأوصى أن يصلي عليه سعد بن أبى وقاص، فقال مروان أتحبس صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لرجل غائب أراد الصلاة عليه؟ فأبى عبد الله بن الأرقم ذلك على مروان، وقامت معه بنو مخزوم ووقع بينهم كلام ثم جاء سعد بن أبى وقاص، فصلى عليه وذلك سنة خمسة وخمسين من الهجرة، بالمدينة وتوفي وهو ابن بضع وثمانين سنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى