مقال

نفحات إيمانية ومع أبو الأسود الدؤلي الكناني ” جزء 4″

نفحات إيمانية ومع أبو الأسود الدؤلي الكناني ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع أبو الأسود الدؤلي الكناني، وقد أنزل الله سبحانه وتعالى، القرآن الكريم ليكون المعجزة الخالدة لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، مصداقا لما رُوي عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، أنه قال “ما من الأنبياء من نبي، إلا و قد أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، و إنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إليَّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة” وإن بعض العبادات الشرعية لا تتم إلا بقراءة القرآن الكريم، ومنها الصلاة، وقد قرن الله سبحانه وتعالى، في العديد من مواضع القرآن الكريم بين الصلاة وقراءة القرآن، ومنها قوله سبحانه وتعالى ” أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ”

 

وقد اختلف أهل اللغة في سبب تسمية القرآن الكريم بهذا الاسم، حيث ذهب الإمام الأشعري رحمه الله، إلى أن كلمة قرآن مشتقة من الفعل قرن، بمعنى ضمّ الشيء إلى شيء آخر، وأن سبب تسمية القرآن بهذا الاسم ترجع إلى أنه مكوّن من سور وآيات يضمّ بعضها بعضا، وقيل إن كلمة القرآن مشتقة من القرء بمعنى الجمع، لأن القرآن الكريم يجمع أنواع العلوم، ويجمع ثمرات الكتب السماوية كلها، وذهب الإمام الشافعي رحمه الله، إلى أن كلمة القرآن اسم علم على كتاب الله، وليست مشتقة، كما إن الإنجيل اسم للتنزيل الذي نزل على نبى الله عيسى عليه السلام، والتوراة اسم للكتاب الذي نزل على نبى الله موسى عليه السلام، ويذكر المؤرخون أن أبو الأسود كان له ولدين.

 

هما عطاء وأبو حرب، فأما عطاء فكان على شرط أبيه بالبصرة، ثم بعج العربية هو ويحيى بن يعمر العدواني بعد أبي الأسود، ولا عقب لعطاء، وأما أبو حرب فكان عاقلا شجاعا، وقد والاه الحجاج بن يوسف الثقفى جوخا، وكان عقب أبي الأسود منه، وقد توفي أبو الأسود الدؤلي بعد إصابته بمرض الفالج، أو ربما بمرض الطاعون الجارف، حيث أصيب بالفالج في الأيام الأخيرة من حياته، وهذا المرض تسبب في إصابته بالعرج، وفي أيام خلافة عبد الملك بن مروان عام تسعة وستين من الهجرة، كانت وفاة أبو الأسود الدؤلي حيث في العام ذاته إنتشر مرض الطاعون، وقد رحل عن عمر بالغ خمسة وثمانين عاما، وكانت وفاته في محافظة البصرة العراقية.

 

وكان أبو الأسود مشهورا بالفصاحة وقد قال عن نفسه، إني لأجد للحن غمزا كغمز اللحم، وكان أبو الأسود الدؤولى قاضيا في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما، واستمر كذلك في عهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وتجب الإشارة إلى أنه كان كاتبا في مدينة البصرة التي كان يسكن فيها، وكان أمير البصرة آنذاك عبد الله بن عباس، فولى ابن عباس أبو الأسود الدؤولى القضاء فيها، وعندما انتقل إلى مدينة الحجاز جعل خلافة الإمارة في البصرة بيد أبو الأسود الدؤولى فأقرها علي بن أبي طالب له، وأصبح أميرا على البصرة، وقد اتفق العلماء على أن ميلاد أبو الأسود الدؤلى كان في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم.

 

إلا أن سنة الميلاد ظلت مجهولة بالنسبة لهم، ومن هؤلاء العلماء ابن كثير، والذهبى، والعسقلانى وقيل أنه وُلد الدؤلي في الجاهلية قبل الهجرة النبوية بستة عشر عاما، وقد أقرّوا أنه قام بتنقيط أواخر الكلمات في القرآن الكريم إثر ما حدث من فساد في الّلغة العربية الصحيحة، إذ اختار لهذا كاتبا ماهرا من بني عبد قيس، واتفق معه على نهج معين في الكتابة حتى وضع مقياسا معتمدا استنبطه من كلام العرب، وأكد الزبيدى هذا في كتابه طبقات النحويين واللغويين قائلا ” هو أول من أسس العربية ونهج سلبها، ووضع قياسها، وذلك حين اضطرب كلام العرب” لذلك كان التنقيط الذي وضعه أبو الأسود الدؤلى المبني على وضع الحركات في موضعها الصحيح ذا أهمية بالغة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى