مقال

نفحات إيمانية ومع الإيمان وصفات المتقين ” جزء 7″

نفحات إيمانية ومع الإيمان وصفات المتقين ” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السابع مع الإيمان وصفات المتقين، وقد تنوعت أقوال سلف هذه الأمة في تعريفها، وما المراد منها؟ فها هو أعظم الخلق استقامة بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فهذا هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول عنها، الاستقامة أن لا تشرك بالله شيئا، ويقول الفاروق أمير المؤمنين أبو حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه الاستقامة أن تستقيم على الأمر والنهي ولا تروغ روغان الثعلب، ويقول ترجمان القرآن وحبر هذه الأمة ابن عباس رضي الله عنهما “استقاموا أي أدوا الفرائض، وحقيقة الاستقامة، والسداد في جميع الأقوال والأعمال والمقاصد” وإن الاستقامة تعني التمسك بهذا الدين كله، صغيرة وكبيرة، قليلة وكثيرة، جلية وخفية والثبات عليه حتى الممات.

 

ورحم الله شيخ الإسلام بن تيمية يوم قال “أعظم الكرامة لزوم الاستقامة” فالاستقامة طريق إلى الجنة ونعيمها، والفوز بالنجاة من النار وجيحيمها، والاستقامة تعني طاعة الكريم الرحمن، ومتابعة أشرف الرسل من ولد عدنان، والاستقامة طريق إلى محبة الله والانقياد له وعبوديته وحب التلذذ بذكره، والاستقامة ثبات على الدين، ولزوم لصراط الله المستقيم، وثبات حتى الممات قال تعالى ” واعبد ربك حتى يأتيك اليقين” ومما يعينك أخى الكريم على سلوك سبيلها ونيلها والتشرف بأن تكون من أهلها هو الإخلاص لله تعالى، فإن من أعظم الأصول المهمة في دين الله تعالى تحقيق الإخلاص لله تعالى إذ إنه حقيقة الدين، ومفتاح دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام.

 

فيقول تعالى “وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين” وهو مما ينبغي للعبد المجاهدة فيه حتى يُرزق تمامه، فقد سئل سهل بن عبد الله التستري رحمه الله تعالى، أي شيء أشد على النفس؟ قال الإخلاص، لأنه ليس لها فيه نصيب، وكذلك متابعة النبي صلى الله عليه وسلم، قولا وفعلا في كل ما يأتي الإنسان ويذر في حياته، فلا يكمن حب المسلم لرسوله صلى الله عليه وسلم إلا بمتابعته عليه الصلاة والسلام، حيث يفول الله عز وجل فى سورة آل عمران ” قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم” ولا شك أن اتباع هدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم واقتفاء أثره في الأقوال والأعمال والأحوال عظيم.

 

وطريق جليل لنيل الاستقامة والثبات عليها، وحق لمن فارق السنة أن يفارق الدليل، ومن فارق الدليل ضل عن سواء السبيل، وكذلك فعل الطاعات واجتناب المحرمات، فإن مما يعين العبد المسلم إلى الوصول إلى الاستقامة وتحقيقها محافظته على الطاعات فرائض كانت أو نوافل، وهي مما أهم الوسائل التي تجلب للعبد محبة سيده ومولاه فيقول الله عز وجل فى الحديث القدسى ” ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه” رواه البخاري، فإذا أحب الله عبدا أعانه وسدده ووفقه للاستقامة على دينه، كما أن اجتناب المعاصي والذنوب صغيرها وكبيرها جليّها وخفيّها له الأثر الكبير في تحقيق معنى الاستقامة، إذ يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.

 

“لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه” رواه أحمد، ثم ذكر سبحانه من صفات المؤمنين المفلحين هو إعراضهم عن اللغو، وهو الباطل في مختلف ألوانه، يصل إلى درجة الشرك بالله، وينخفض إلى إتيان كل قول أو فعل لا فائدة فيه، أو على الإنسان منه نقص في دينه، يدخل في ذلك اللعن والشتائم القذرة، ويدخل فيه اللهو في كل صوره وأشكاله، وذكر سبحانه من صفات المؤمنين، قيامهم بإخراج زكاة أموالهم كيفما كانت الأموال، ذهبا أو فضة، عروض تجارة، أو سائمة من الأنعام، أو ما يخرج من الأرض من حبوب وثمار، فالزكاة حق المال، وفريضة لا فضل في إخراجها لصاحب المال، وهي طهرة ونماء للمال، وخير وبركة لصاحبه، وصلاح وفلاح لمجتمعه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى