مقال

الدكروري يكتب عن الضمائر ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الضمائر ” جزء 1″
بقلم / محمــــد الدكـــرورى

إن مراقبة الله تعالي في السر والعلانية من الأهمية بمكان، وينبغي للعبد أن يراقب الله عز وجل في جميع أحواله وأقواله وأفعاله وحركاته وسكناته لأن الله أقرب إليك من حبل الوريد، فالحق عز وجل أقرب إلى عبده من حبل الوريد، لكنه عامل العبد معاملة الغائب عنه البعيد منه، فأمر بقصد نيته، ورفع اليدين إليه، والسؤال له، فقلوب الجهال تستشعر البعد، ولذلك تقع منهم المعاصي، إذ لو تحققت مراقبتهم للحاضر الناظر اليهم وهو الله عز وجل لإبتعدوا وكفوا عن الخطايا، والمتيقظون علموا قربه فحضرتهم المراقبة، فالعبد لو استشعر الخوف والمراقبة من الله عز وجل ما قدم على المعصية، وإن الضمير هو تلك القوة الروحية التي تحكم مواقف الإنسان وتفكيره، وهو منحة من الله للإنسان يدله بها على الخير والشر، وكيف يكسب الرضا والراحة النفسية، وإن تربية الضمير.

وتقوية الوازع الديني في نفوس الناس فيه سعادة الأفراد والمجتمعات، وبدونه لن يكون إلا مزيدا من الشقاء، مهما تطورت الأمم في قوانينها ودساتيرها، وطرق ضبطها للجرائم، وإدارة شؤون الناس، فإنه سيأتي يوم وتظهر ثغرات في هذه القوانين، وبالتالي ما الذي يمنع الموظف أن يرتشي، والكاتب أن يزور، والجندي أن يخل في عمله، والطبيب أن يهمل في علاج مريضه، والمعلم أن يقصر في واجبه، والقاضي أن يظلم في حكمه، والمرأة أن تفرط بواجبها، والتاجر من أن يغش، ويحتكر في تجارته، الذى يمنع ذلك كله هو الضمير، والنبى صلي الله عليه وسلم أنقى العالمين سريرة وأزكاهم سيرة قد حذر من مخالفة السر للعلن فقال “لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا”

قال ثوبان يا رسول الله، صفهم لنا، جلهم لنا أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها” رواه ابن ماجة، وإن المرء لينظر في حياة الناس فيجد عجبا، مشاكل وصراعات، وتهاجر وقطع أرحام، وغمط للحقوق، وتنكر للمعروف على أتفه الأسباب، بل إنك تجد من يكون سببا في شقاء المجتمع، بسبب سوء أخلاقه وتصرفاته، يستغل المواقف، ويتحين الفرص، ليشبع رغباته، ويحقق شهواته على حساب القيم والأخلاق والدين، ومصالح الآخرين، ومنافع العباد، والضمير هو تلك القوة الروحية التي تحكم مواقف الإنسان وتفكيره وهو منحة من الله للإنسان يدله بها على الخير والشر وكيف يكسب الرضا والراحة النفسية ولذلك ضرب الله تعالي مثلا لذلك بنبيه يوسف عليه السلام.

حينما حجزه ضميره عن الانجراف وراء الهوى حيث قال الله تعالي ” معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون” والضمير هو مستودع السر الذي يكتمه القلب والخاطر الذي يسكن النفس، فيضيء ظلمتها وينير جوانبها، والضمير هو القوة التي تدفع نحو فعل الخيرات وترك المنكرات وحب الصالحات، وهو سبب تسمية النفس باللوامة، كما قال الله سبحانه وتعالى ” لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة” والضمير هو الرادع عن المعاصي والآثام الذي يجنبك مقاربتها ويثنيك عن تكرارها، وإن الضمير ينجي صاحبه من المهالك، ويبعده عن شر المسالك، ومن صفات الضمير المؤمن أن صاحبه دائم التذكر فإذا هم بأمر سوء ارتدع وانزجر، وابتعد عن المعاصي وأدبر، وإن ضمير الإنسان إذا لم يكن موصولا بالله، فتجد صاحبه محافظا على العبادات والطاعات.

والذكر وقراءة القرآن، فإنه سيأتي يوم ويعرض ذلك الضمير للبيع في سوق الحياة، وعندما يباع الضمير ستجد ذلك الصاحب والصديق الذي إئتمنته على مالك قد خان الأمانة، وتنكر لك، وعندما يباع الضمير ستجد من يعطيك شهادة تعليمية دون أن تدرس يوما واحدا، وستجد شاهدا باع‎ ضميره، وزور أحداث شهادته، وحول الظالم إلى مظلوم، والمظلوم إلى ظالم، واختل واقع الحياة، وضاع مصير الإنسان، وعندما يباع الضمير ستجد الطبيب الذي يهمل فحص مرضاه في المستشفى ليضطرهم للذهاب إليه في عيادته الخاصة، بل ستجد من يخون أمته، ويبيع وطنه، ويدمر مجتمعه، وعندما يباع الضمير أو يغيب من النفوس تهمل الواجبات، وتضيع الحقوق والأمانات، ويوسد الأمر إلى غير أهله، وتظهر الخيانات، وتحاك المؤامرات، وتقدم المصالح الشخصية الضيقة على مصالح المجتمع والأمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى