مقال

الدكروى يكتب عن طريق النبي نور ” جزء 5″

الدكروى يكتب عن طريق النبي نور ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع طريق النبي نور، وإن مما يساعد على الإستقامه هو العلم، وأفضله بلا شك هو علم الوحيين الكتاب والسنة، الذي هو أفضل القربات إلى الباري عز وجل وهو تركة الأنبياء وتراثهم، وبه تحيا القلوب، وتعرف الشرائع والأحكام، ويتميز الحلال والحرام، وهو الدليل على السراء والضراء، والسلاح على الأعداء، وهو الصاحب في الغربة، والحديث في الخلوة، والأنيس في الوحشة، وبه يعرف العبد ربه، ويوحده ولا يعبد غيره ويأنس به ولا يلتجأ إلى سواه، ورحم الله عمرو بن عثمان المكي يوم قال”العلم قائد، والخوف سائق، والنفس حرون بين ذلك جنوح خداعة، رواغة، فاحذرها وراعها بسياسة العلم، وسقها بتهديد الخوف يتم لك ما تريد.

 

وإن من أهم ما يعين على الاستقامة هو مصاحبة الصالحين ومجالستهم وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم يوم قال “المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل” رواه أبو داود، وكما أن الدعاء هو السلاح الخفي للمؤمن، وحقيقته هو إظهار العبد افتقاره إلى سيده ومولاه، وهو سمة من سمات المحسنين المستقيمين، فقال تعالى فى سورة الأعراف ” وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين” وليس شيء أكرم على الله من الدعاء، فهو من أجلّ وأهم الأسباب الجالبة للاستقامة بإذن الله تعالى، كيف لا؟ والعبد يقرأ في كل ركعة من صلاته “اهدنا الصراط المستقيم” ومعنى اهدنا الصراط المستقيم، هو وفقنا يا رب إلى معرفة الطريق المستقيم المصل اليك.

 

ووفقنا للاستقامة عليه بعد معرفته، فالمعرفة والاستقامة كلتاهما ثمرة لهداية الله ورعايته ورحمته، والتوجه إلى الله في هذا الأمر هو ثمرة الاعتقاد بأنه وحده المعين، وهذا الأمر هو أعظم وأول ما يطلب المؤمن من ربه العون فيه، فالهداية إلى الطريق المستقيم هي ضمان السعادة في الدنيا والآخرة عن يقين، ولكن هو صراط من؟ هو صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فهو طريق الذين قسم لهم نعمته، لا طريق الذين غضب عليهم لمعرفتهم الحق ثم حيدتهم عنه، أو الذين ضلوا عن الحق فلم يهتدوا أصلا إليه، إنه صراط السعداء المهتدين الواصلين، ورحم الله إمام أهل البصرة الحسن البصري، كان إذا قرأ هذه الآية “فاستقم كما أمرت”

 

كان يقول اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة، وعن سفيان بن عبد الله رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله مرني بأمر في الإسلام لا أسأل عنه أحداً غيرك؟ فقال صلى الله عليه وسلم “قل آمنت بالله ثم استقم” رواه احمد، وإن الاستقامة هى الإقامة والملازمة للسير على الصراط المستقيم الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، يهدي إليه كما قال تعالى فى سورة الشورى “وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم صراط الله الذى له ما فى السماوات وما فى الأرض ألا إلى الله تصير الأمور” إنه صراط واحد صراط الله وسبيل واحد يؤدي الى الله طريق التوحيد والعبودية لله وحده، فالماشي على الصراط المستقيم لا يحيد يمنة ولا يسرة فيضل ويقع في المتاهات.

 

ولو تأملنا فى قوله تعالى كما جاء فى سورة فصلت ” إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون” لوجدنا إشراقات كثيرة منها ألا تخافوا من ردّ حسناتكم فهي مقبولة، ولا تحزنوا على ذنوبكم فإنها مغفورة، وألا تخافوا مما تقدمون عليه، ولا تحزنوا على ما خلفتم في الدنيا، وهذه التنزلات الملكية بالأمان من المخاوف ومن الأحزان، وبالبشائر تتوارد عليهم وتتوالى وتتابع في جميع أحوالهم وفي حالات المخاوف، وأشدها عند الموت وفي القبر وعند البعث، ففي هذه المواطن الثلاثة المخيفة المغمّة يكونون في أمان وسلام ويستبشرون بالأمن والأمان من الرحيم المنان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى