مقال

نفحات إيمانية ومع موقف الشرع من زواج التحليل ” جزء 4″

نفحات إيمانية ومع موقف الشرع من زواج التحليل ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع موقف الشرع من زواج التحليل، ولا يُقبل طلاق المجنون، والمدهوش الذي لا يُميّز أقواله وأفعاله بسبب حالة انفعال ما، ومن مثلهم، كالمغمى عليه، وهو ما عُرف شرعا بالإغلاق أي يمنع من الإدراك والفهم، لحديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ” لا طلاق ولا عتق في إغلاق” وأن يكون مختارا، أي ألا يكون المُطلق مُكرها على الطلاق، وذلك باتفاق الفقهاء، وأن يكون عاقل للطلاق وهو شرط عند الحنابلة، وأما عن شروط القصد ويُقصد به إرادة التلفظ، وإرادة المعنى الذي وُضع له، أي ألا يقصد الزوج غير معنى الطلاق بما تلفظ به، ولا يقع طلاق المُعلم الذي يذكره، وربما يكرره بقَصد التعليم، أو الذي يرويه عن نفسه.

 

أو عن غيره لأنه يقصد الحكاية وليس الطلاق، وكذلك لا يقع طلاق غير الناطق بالعربية الذي لا يفهم معنى الطلاق وتلفظ به، ولا يقع طلاق النائم لأنه لم يقصده، وأما عن شرط محل الطلاق ويقصد بمحل الطلاق هو الزوجة التي يقع عليها الطلاق، ويُشترط فيها أن تكون في حال زواج صحيح قائم، ولو قبل الدخول، أو في عدة طلاق رجعى، إذ لا تزول الزوجية بين الزوجين قبل انتهاء عدة الطلاق الرجعى، ألا تكون في عدة طلاق بائن بينونة كبرى، لأن الزوج بذلك يكون قد استنفد حقه في عدد مرات الطلاق، ولا فائدة من طلقة أخرى، أما إن كانت المرأة في عدة طلاق بائن بينونة صغرى فقد اختلف الفقهاء في وقوع الطلاق عليها أثناء العدة

 

فذهب الجمهور من الشافعية، والمالكية، والحنابلة إلى عدم وقوع طلاق آخر عليها لأن الطلاق البائن ينهي رابطة الزوجية، فلم تعد الزوجة محلا للطلاق، أما الحنفية فقالوا بوقوع الطلاق على المرأة أثناء العدة بسبب بقاء بعض أحكام الزوجية، كالنفقة، وعدم جواز زواجها من رجل آخر، وأن تكون معينةً وإما بالإشارة، أو بالصفة، أو بالنية، فقد اتفق الفقهاء على اشتراط تعيين المطلقة، خاصة لمن لديه عدة زوجات، فلا بد من أن يعين الزوجة التي يريد تطليقها منهن إما بوصفها، أو بالإشارة إليها، أو بنية تطليقها، أما من لديه زوجة واحدة، فإن الطلاق يقع عليها حال صدوره من زوجها، وأما عن حكم طلاق الحامل.

 

فقد اتفق الفقهاء على صحة وقوع طلاق الحامل، سواء كان طلاقا رجعيا، أو بائنا، ويجوز لزوجها أن يراجعها أثناء العدة في الطلاق الرجعي، وبعد انتهاء العدة في الطلاق البائن بينونة صغرى، أما إن طلقها طلاقا بائنا بينونة كبرى، فلا تحل إلا بعد وضع الحمل، ولا تجوز له إلا بعد أن تتزوج زوجا آخرا بعد وضع الحمل، وأما عن حكم الطلاق المعلق على حمل ومثاله أن يقول رجل لزوجته إن كنت حاملا فأنت طالق، فذهب جمهور الفقهاء إلى وقوع الطلاق إن كان بها حمل ظاهر، أما إن كان حملها غير ظاهر وظهر، وولدت بأقل من ستة أشهر، وقع الطلاق من وقت التعليق لثبوت الحمل لأن أقل مدة للحمل هي ستة أشهر، وأما عن شرط صيغة الطلاق.

 

وهي ما يقع به الطلاق بأي لغة كان، وهو أنه يشترط في اللفظ أن يفيد معنى الطلاق سواء في اللغة، أو العرف، أو الكتابة، أو الإشارة المفهومة، واللفظ إما أن يكون صريحا، أو كنائيا، فالطلاق الصريح هو اللفظ الذي غلب استعماله في الطلاق، على أن يكون المراد منه ظاهرا، كلفظ الطلاق وما يُشتق منه، مثل قول الزوج لزوجته “طلقتك” أو “أنت طالق أو مطلقة”، وقد اتفق الفقهاء على أن لفظ الإطلاق مثل قول الرجل لزوجته “أطلقتك” أو “أنت مطلقة” من الإطلاق، من ألفاظ الكناية التي تحتاج إلى نية، لعدم ثبوت استخدامها للطلاق في العُرف، أو الشرع، كما اختلف الفقهاء في اعتبار استخدام الألفاظ التي يغلب استعمالها بين الناس للطلاق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى