مقال

نفحات إيمانية ومع المال والبنون زينة الحياة الدنيا ” جزء 2″

نفحات إيمانية ومع المال والبنون زينة الحياة الدنيا ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع المال والبنون زينة الحياة الدنيا، وإن عاقبة طول الأمل وخيمة، ينقطع بصاحبه الأجل وربما كان في حال ذميمة، عليه حقوق الله ولعباده، ولا يمكنه التخلص منها، وقد شرع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، الوصية لمن له أو عليه شيء، ليخرج من الدنيا سالما من التبعات، وقال صلى الله عليه وسلم ” ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه، يبيته ليلتين، إلا ووصيته مكتوبة عنده” وتفكروا ما أشد حسرة الموت على الذي فرط على نفسه وظلم الناس في حقوقهم، وجمع الأموال وأوعاها، ولا يتورع من أي كسب حواها، إذا أيقن بالموت وتحقق الفوت، فلا منجى له ولا خلاص، فهو يتمنى أن يتخلص من شوائب ماله.

 

ولا حول ولا قوة، وانقطعت عنه اللذات، وبقيت عليه التبعات، فهو يكره الموت لكراهته لقاء ربه من أجل ما قدمه من سوء عمله، أما المؤمن الذي عرف قدر الدنيا وسرعة زوالها، واغتنم حياته واستعملها في الأعمال الصالحة، فإنه لا يندم على الدنيا ولا يجزع من الموت، لعلمه أن له حياة هي أرقى وأبقى من الحياة الدنيا، فنفسه مطمئنة بلقاء ربه وثواب عمله، فإنه من قدم خيرا، أحب القدوم عليه، يقال له عند الموت كما قال الله عز وجل فى سورة الفجر ” يا أيتها النفس المطمئنه، ارجعى إلى ربك راضية مرضية، فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى ” ولما قال النبى صلى الله عليه وسلم ” من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه”

 

وإن صاحب الدنيا المبتلى بحبها المغرور بها فإن فيها من المتاع تخدعه، حتى تزل قدمه، ثم يجازى بعمله، فما أسرع تقلب أحوالها وتبدل حياتها بالموت، وعمارها بالخراب وتفرق الأحباب، فمن أجال فكره في هذه الدنيا، وجدها محفوفة بالأنكاد والأكدار، وبالشرور والأضرار، وبالهموم والغموم والأحزان، ولا يهذبها ويصفي كدرها إلا الدين وطاعة رب العالمين، فلا تصفو لأحد بحال، فصروفها وحوادثها تنبه الغافلين، وتوقظ النائمين، وقد ضرب الله لها مثلا بالمطر الذي يصيب الأرض القاحلة اليابسة، فتنبت وتختلط فيها الأعشاب، وتزهو بالزهور المختلفة التي تسر الناظر، وتأخذه بالإعجاب، وسرعان ما تتغير خضرتها بالصفرة ووجهها المليح بالكدرة.

 

هكذا الدنيا لأهلها فما فوق التراب تراب، فعمر الإنسان أشبه بالنبات الذي اختلط به نبات الأرض وأصبح هشيما تذروه الرياح، فالإنسان في هذه الحياة يمدد آماله، وقد قرب من الدنيا انتقاله، والقدوم على صالح أو سيئ أعماله، ثم إن الموت ليس هو فناء أبدي كما يعتقده الدهريون الذين قص الله علينا مقالتهم في كتابه العزيز فى سورة الجاثيه ” وقالوا ما هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر ” ولكنه انتقال إلى حياة الآخرة، فالمؤمن في الحياة الدنيا يرى تفرق أهله وأحبابه بالموت يوما بعد يوم، ويعلم أنه لا بد نازل به في الصباح أو المساء، فيستعد له بفعل الطاعات، ويغتنم فرص الحياة، ويرجو اجتماعه بأحبابه في حياة الآخرة التي لا موت فيها ولا حزن.

 

التي يقول أهلها حين يدخلونها كما قال الله تعالى فى سورة الزمر ” وقالوا الحمد لله الذى صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء ” ولقد قرن الله سبحانه وتعالى، في القرآن الكريم بين الأموال والأولاد في أربعة وعشرين موضعا وقد قدمت فيها الأموال على الأولاد، وفي موضعين قدم الأولاد على الأموال، فما الحكمة والسر في ذلك؟ فإن الحكم والأسرار المطلقة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، فإن المال والبنون زينة وتفاخر في الحياة الدنيا، فقال الله سبحانه وتعالى فى كتابة العزيز فى سورة الكهف ” المال والبنون زينة الحياة الدنيا ” وقال تعالى فى سورة الحديد ” اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر فى الأموال والأولا ”

 

وقال تعالى قى سورة مريم ” أفرأيت الذى كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا ” وهو إنما كان المال والبنون زينة الحياة الدنيا لأن في المال جمالا ونفعا، وفي البنين قوة ودفعا، فصارا زينة الحياة الدنيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى