مقال

نفحات إيمانية ومع الإحسان إلى الجار ” جزء 5″

نفحات إيمانية ومع الإحسان إلى الجار ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع الإحسان إلى الجار، وقيل أنه في يوم من الأيام خرج رجل من منزله ليبحث عن عمل، و في اللحظة التي مر فيها من منزل جاره وقعت ورقة مهمة من جيبه دون أن يشعر، ولأجل الصدفة كان جاره ينظر عبر نافذة بيته ورأى تلك الورقة وهي تقع من جيب ذلك الرجل وقال في نفسه ” يا للعار، لقد ألقى جارنا بتلك الورقة على الأرض عمدا، إنه يحاول توسيخ حديقة بيتنا بسرية وتستر” وعوضا أن يخرج من بيته ويكلم جاره، قرر الجار التخطيط للانتقام منه، وفي تلك الليلة، حمل الجار سلة المهملات وذهب بها إلى منزل ذلك الرجل، وبالمصادفة أيضا كان ينظر ذلك الرجل عبر نافذة بيته ورأى ما الذي فعله جاره، فتعجب الرجل كثيرا من جاره.

 

وذهب لجمع القمامة الملقاة أمام بيته وأثناء ذلك وجد الورقة المهمة التي وقعت منه خطأ لكنها كانت ممزعة إلى قصاصات كثيرة، فهم حينها الرجل نية جاره وهي توسيخ ممر بيته بالقمامة، لم يشأ ذلك الرجل الحديث مع جاره وقرر بالمقابل الانتقام منه، وفي تلك الليلة اتصل ذلك الرجل بمزارع وطلب منه تزويد جاره بنحو عشرة خنازير و مائة بطة، وفي اليوم التالي واجه جاره الكثير من المتاعب وهو يحاول التخلص من تلك الحيوانات الموجودة في حديقته وإرجاعها إلى صاحبها، وقد فهم الجار بأن تلك الخدعة والمؤامرة كانت من صنع جاره أيضا، وبمجرد انتهائه وتخلصه من تلك الحيوانات قام بالتخطيط لمؤامرة أخرى لينتقم من ذلك الرجل، وهكذا ظل الحال.

 

واستمر كلا الجارين بالانتقام لبعضهم البعض وفي كل مرة كان الانتقام يكبر ويزيد، فقد أدت سقوط تلك الورقة إلى إشعال الحرب بين الجارين وفي كل مرة كانا ينتقمان من بعضهما البعض بطريقة أو بأخرى، فقد قام أحدهما باستدعاء فرقة لموسيقى الروك والآخر قام بإشعال صفارة إنذار الحريق فرد عليه جاره بإدخال شاحنة إلى سور حديقته فانتقم الآخر بإلقاء وابل من الحجارة على شباك بيته إلى أن وصل فيهما الحد بإلقاء قنبلة أدت فيما بعد إلى تدمير منزليهما، وقد وصل الأمر بدخولهما إلى المستشفى وقضاء وقت طويل مع بعضهما في غرفة واحدة، وبداية، رفض كلاهما التحدث مع بعضهم البعض إلا أنهما بدءا يتململان من الصمت العائم في المكان و بدءا بالتحدث.

 

مع بعضهم البعض، ومع مرور الوقت أصبحا صديقين و خاضا بالنقاش حول موضوع تلك الورقة التي وقعت خطأ، وأدرك الجاران سوء فهمهما لبعض وأنهما لو تحدثا مع بعضهما منذ البداية لما حصل ما حصل وكانا على الأقل مازالا يحتفظان ببيتهما، لكن في نهاية المطاف وبعد أن صارا صديقين قررا التعاون لإصلاح كلا المنزلين، وإن العبرة من القصة، هو أنه علينا ألا نتصور ونخمن نوايا الآخرين، فتبادل الحديث معهم ومحاولة فهم أفكارهم هي الوسيلة الأنجح لتلافي الكثير من المشاكل التي قد تحدث بيننا، فإنه لا يختلف اثنان على قيمة الجيرة الجيدة، أو على مدى تأثير الجار السيء على الحياة اليومية لجيرانه، وقد اعتدنا أن نرى لهفة الجار على جاره في المحن.

 

ليساعده ويقف إلى جانبه، كما اعتدنا أن يكون الجيران أول المدعوين إلى الأفراح وأول الحاضرين في المآتم، ولقد أوصى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على الجار وأكد على عدم إيذائه، فكان صلى الله عليه وسلم نعم الجار الذي يُحسن إلى جاره ويكرمه، ولم تقتصر وصاياه على الجار المسلم فقط، بل إنه كان بارا بجاره اليهودي أيضا وأوصى على كل الجيران حتى لو لم يكونوا من المسلمين، فكان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يمتاز بالخلق الحسن في كل صفاته وتعاملاته مع الآخرين، فكان قرآنا يمشي على الأرض يقدم للناس الخير والإحسان ، وقد ربط الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بين الإيمان بالله وبين إكرام الجار وأوضح ذلك من خلال قوله صلى الله عليه وسلم ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره” رواه البخارى ومسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى