مقال

مشروعية صلاة الخسوف ” جزء 1″

مشروعية صلاة الخسوف ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

إن الشمس والقمر من آيات الله عز وجل، فإذا قامت القيامة كورت الشمس وخسف القمر، وجمع الشمس والقمر، وقد جعل الله سبحانه وتعالى، الخسوف والكسوف في الدنيا تذكيرا للعباد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، عند حدوث هذه الآية العظيمة يفزع إلى الصلاة، وقيل أنه قد خرج النبي صلى الله عليه وسلم، إلى صلاة الكسوف فزعا خائفا حتى أنه أخذ لباس زوجته بدلا من ردائه خطأ لانشغال ذهنه بقيام الساعة حتى أدركه شخص خلفه بردائه كما في صحيح مسلم من حديث أسماء رضى الله عنها، حيث قالت “كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففزع فأخطأ بدرع حتى أدرك بردائه، وأما عن قول جمهور العلماء على أن صلاة الخسوف سنة مؤكدة وليست بواجبة، وقد نقل بعضهم الإجماع على ذلك.

 

وذهب بعض أهل العلم إلى أنها واجبة، وقال بعضهم أنها فرض كفاية، ولم يجئ في القرآن الكريم ذكر لصلاة الكسوف والخسوف، وإنما وردت بها السنة المطهرة من قول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله، وذلك في السنة العاشرة للهجرة حين كسفت الشمس فصلى بأصحابه وأطال الصلاة حتى انجلت الشمس، ولم يرد فيما اتفقت عليه الروايات الصحيحة أن هذا الكسوف كان نتيجة لغضب من الله على الناس، كيف وقد حدث ذلك بعد أن جاء نصر الله والفتح ودخل الناس في دين الله أفواجا، وانتشر نور الإسلام في كل ناحية من جزيرة العرب، فلو كان الكسوف يحدث من غضب الله لحدث ذلك في العهد المكي، حين كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقاسون أشد ألوان العنت والاضطهاد والإيذاء، وحين أخرجوا من ديارهم وأموالهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله.

 

ولقد كان الناس في عصر النبوة يعتقدون أن كسوف الشمس والقمر إنما هو مشاركة من الطبيعة لموت عظيم من عظماء أهل الأرض، وكان من غرائب المصادفات أن كسوف الشمس الذي حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كان يوم وفاة إبراهيم ابنه من السيدة مارية القبطية، وقال الناس يومئذ إن الشمس قد انكسفت لموته أي حزنا عليه، وإكراما للرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسكت على هذا القول الزائف والاعتقاد الباطل، وإن كان فيه إضافة آية أو معجزة جديدة إلى آياته ومعجزاته الكثيرة، لأن الله أغناه بالحق عن الانتصار بالباطل، وقد شرحت دار الإفتاء، أن صلاة الكسوف والخسوف سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، مستشهدة بما روته السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم.

 

قال ” إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فصلوا ” وقد أوضحت دار الإفتاء أيضا، أن صلاة الكسوف أو الخسوف ركعتان، في كل ركعة قيامان، وقراءتان في القيامين بالفاتحة وما تيسر من القرآن، وركوعان، وسجدتان، وأعلى الكمال في كيفيتها أن يكبر تكبيرة الإحرام، ويستفتح بدعاء الاستفتاح، ويستعيذ ويبسمل، ويقرأ الفاتحة، ثم سورة البقرة أو قدرها في الطول، ثم يركع ركوعا طويلا فيسبح قدر مائة آية، ثم يرفع من ركوعه فيسبح ويحمد في اعتداله، ثم يقرأ الفاتحة وسورة دون القراءة الأولى، كآل عمران أو قدرها، ثم يركع فيطيل الركوع وهو دون الركوع الأول، ثم يرفع من الركوع فيسبح ويحمد ولا يطيل الاعتدال، ثم يسجد سجدتين طويلتين، ولا يطيل الجلوس بين السجدتين، ثم يقوم إلى الركعة الثانية.

 

فيفعل مثل ذلك المذكور في الركعة الأولى من الركوعين وغيرهما، لكن يكون دون الأول في الطول في كل ما يفعل، ثم يتشهد ويسلم” وقد استكملت دار الإفتاء أنه يجهر بالقراءة في خسوف القمر، لأنها صلاة ليلية، ولا يجهر في صلاة كسوف الشمس، لأنها صلاة نهارية، ولا يشترط قراءة سورة البقرة وآل عمران ويمكن قراءة ما يتيسر لك ولكن الأكمل قراءتهما، وتشرع صلاة الخسوف عند رؤيته بالبصر، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم ” فإذا رأيتم ذلك فصلوا حتى يكشف ما بكم ” فلو حال غيم دون رؤية الخسوف فلا تشرع الصلاة، وعلى فرض أنه رئي خسوف القمر قبل غروب الشمس، فلا يصلي الخسوف إلا بعد الغروب، لأن القمر آية الليل، وإذا اجتمعت صلاة الخسوف أو الكسوف مع صلاة حاضرة من الصلوات الخمس، فتقدّم صلاة الفرض، ثم تصلى صلاة الخسوف.

 

وإذا انتهوا من صلاة الفرض، فلا مانع أن يأتوا بأذكارها وسنتها الراتبة، ثم يشرعون في صلاة الخسوف، وكذلك يشرع النداء وهو الصلاة جامعة، ولو كان الناس في المسجد بعد الفريضة مجتمعين، وذلك عملا بالسنة، وتنبيها لمن لم يحضر كالنساء والمرضى في البيوت، ومن حضر المسجد أثناء صلاة الخسوف، ولم يصل المغرب صلاها أولا، ثم دخل معهم في صلاة الخسوف، وإذا دخل المسجد وصلى معهم بنية المغرب، ثم تبين له أنهم يصلون الخسوف نوى المفارقة وأتم لنفسه المغرب، ثم لحقهم في صلاة الخسوف نظراً لاختلاف الصفة، والذي استفاض عند أهل العلم وهو الذي استحبه أكثرهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم، صلى بهم ركعتين، في كل ركعة ركوعان، ويقرأ قراءة طويلة ، ثم يركع ركوعا طويلا، ثم يقوم فيقرأ قراءة طويلة دون القراءة الأولى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى