مقال

أن اشكر لى ولوالديك ” جزء 8″

أن اشكر لى ولوالديك ” جزء 8″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع أن اشكر لى ولوالديك، ولكل قول مستنده الذي انطلق منها، لتبرير الحكم الذي توصّل له به، حيث إن كل الآراء الفقهية الوادرة لها مستندها الفقهي وهي معتبرة ولها تأصيلها، وتفصيل أقوالهم على النحو الآتى فإنه رأي المجيزون أنه ذهب مجموعة من أهل العلم إلى القول بجواز وجود يوم للاحتفاء بالأمهات والاحتفال بهن وتكريمهن، وتفصيل أقوالهم وآرائهم على النحو الآتى وهو الإفتاء الأردنى وهو إن ما تعارف الناس على تسميته بعيد الأم، ليس عيدا بالمفهوم الشرعي للعيد، وإن سمّوه عيدا، وإنما هو يوم يقومون فيه بالتواصل مع أمهاتهم، وتقديم الهدايا لهن، من باب الوفاء والاعتراف بفضلهن، وقد تعارف الناس في كل بلاد العالم على أن للأم منزلة خاصة على من سواها، وتكريم الأم بيوم مخصوص ضمن المفهوم السابق.

 

أمر تنظيمي، وليس فيه ما يتعارض مع التشريع الإسلامى، الذي يؤكد فى مواطن كثيرة على أهمية الوفاء والبر والشكر للوالدين فى كل الأوقات والأزمان، وكما أن مرتبة بر الوالدين والإحسان إليهما في الإسلام مرتبة عظيمة فهي فريضة واجبة، ولا شك أن التجرأ بالإساءة إليهما أوعقوقهما من كبائر الذنوب، وكما أن تكريم الأمهات في يوم الأم لا يدخل في مسألة التشبه المحظور بالأغيار، بل إن الفهم السليم له على أنه من الحكمة التي هى ضالة المؤمن، وحيثما وجدها فهو أجدر وأحق بها، ويزداد تأكيد هذا الفهم للمسألة، عندما نجد أن موضوع بر الوالدين وإدخال السرور إلى قلبيهما متعمق في نصوص الشريعة الإسلامية، ولا يتعارض معها، ويتأصل هذا الفهم عندما نجد أن المسلمين قد صاموا يوم عاشوراء بالرغم من أن اليهود سبقوهم في صيامه.

 

وهم يعلمون، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومها، مع علمهم بصيام اليهود له ” نحن أحق بموسى منكم ” فصامه صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه، وقياسا عليه فالمسلمون أحق وأولى بتكريم أمهاتهم في هذا اليوم من غيرهم، ولا يصح إنزال قول النبى صلى الله عليه وسلم ” لتتبعن سنن الذين قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا فى حجر ضب لاتبعتموهم، قلنا يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال صلى الله عليه وسلم فمن؟ وعلى مسألة تخصيص يوم للاحتفال بيوم الأم، إذ إن المقصود بحديث النبى صلى الله عليه وسلم هو نهي المسلمين عن إتباع غيرهم من الأمم في الأمور المحرمة، وكذلك في أمور خصوصياتهم الدينية، التي لا تتوافق مع شرعة الإسلام وهداه، أما موافقة غير المسلمين في الأمور المباحة والنافعة.

 

التي لا تعارض شرع الله عز وجل فلا يدخلها النهى ولا بأس بها، وقد جاء عن القاضي عياض رحمه الله تأكيده على هذا الفهم للحديث، وأنه خاص فيما نهى الشرع عنه وذمه من أمرهم وحالهم، وأما عن رأى الإفتاء المصرى، فقد أكدت دائرة الإفتاء المصرية على جواز الاحتفال وتكريم الأمهات في عيد الأم، فليس بالشرع ما يمنع ويحرم وجود مناسبة تكرّم فيها الأم ويعبّر في الأبناء عن برّهم وفرحهم بأمهاتم، وقالوا إن البدعة المردودة هي ما أحدث على خلاف الشرع، أما ما شهد الشرع لأصله فإنه لا يكون مردودا، ولا إثم على فاعله” ويرون أن المشاركة في يوم الأم فيه نشر لقيمة بر الوالدين، ولا يشكل ذلك مانعا شرعيا، وأما عن المجلس الإسلامي للإفتاء بيت المقدس، يقول إن تكريم الأمهات والاحتفاء بهن مطلوب كل يوم وعلى مدار السنة.

 

لكن لا مانع من وجود يومٍ يُعبّر فيه عن مدى حب الأم وتكريمها، بشرط عدم اعتبار هذا اليوم عيد بالمعنى الشرعى، وعدم وجود مخالفات شرعية في هذا اليوم، فهو عيد من بدع العادات لا العبادات، وأما عن سماحة الشيخ القرضاوى إن الحكم بتحريم عيد الأم بحاجة لدليل ثابت بنص شرعى، فهو غير محرم وإن كنا لسنا بحاجة للاحتفال به فكل أيامنا عيد بوجودهن، حيث قال “لا أقول إن إقامة عيد للأم حرام، فإن التحريم لا يقدم عليه عالم إلا بنص، والأصل في الأشياء والعادات الإباحة، وإن كنت لا أجد حاجة لمثل هذا الأمر فى مجتمعاتنا” كما حث في هذا اليوم على مراعاة مشاعر من فقد والدته سواء بسبب وفاتها أم انفصالها عن الأب، وبناء على ما سبق فقد تم إيضاح عدة ضوابط وشروط مهمة للاحتفاء بمناسبة يوم الأم، وهى عدم اعتبار هذا اليوم عيد بالمعنى الشرعى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى