مقال

الدكروري يكتب عن دار غرور لمن اغتر بها

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن دار غرور لمن اغتر بها

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الله سبحانه وتعالى يبتلينا ليذكرنا بذنوبنا وليزيل القسوة عن قلوبنا لعلنا أن نرجع إلى الله عز وجل فنقف ببابه ونتضرع إليه ونستكين له ونقبل عليه ليسمع تضرعنا وشكوانا ويرى صبرنا ورضانا بما قدره الله علينا فلنحسن الظن بالله ولنجعل أملنا فيه جل جلاله سبحانه وتعالى، فعليكم بتقوى الله ومراقبته وترك الغش والخيانة ولنأخذ بأسباب النجاح والفوز فإن نوفق فلنحمد الله على فضله ونشكره على نعمه ونسأله المزيد من جوده وكرمه ولا نغترا بأنفسنا أو جهدهنا أو ذكائنا فإنه لا حول ولا قوة للعبد إلا بالله وإن وجدنا عكس ذلك فلنحمد الله على كل حال ونشكره في كل الأحوال، فكم ترى من مبتلى يشكو مرضه وأب يلوم عقوق ولده وأم ثكلى تبكي فقيدها كم ترى ممن بارت تجارته وكسدت صناعته.

 

وآخر قد ضاع جهده، ولم يدرك مرامه تلك هي الدنيا تضحك وتبكي، وتشتت وتجمع، إنها دار غرور لمن اغتر بها، وهي عبرة لمن اعتبر بها، وهي دار صدق لمن صدق فيها، فقال تعالى فى سورة الحديد ” لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور ” وإن في البلاء تقوية الإيمان بالقضاء والقدر، فما من شيء في السماوات ولا في الأرض إلا وهو ملك لله عز وجل، وما من شيء يحدث في ملكه إلا بمشيئته وإرادته فبيده الملك، وبيده مقاليد السماوات والأرض، وما من شيء يحدث من رخاء أو شدة، أو خوف أو أمن، أو صحة أو مرض، أو قلة أو كثرة، فكل ذلك بمشيئته سبحانه وتعالى، والإيمان بالقدر أحد أركان الإيمان الستة التي لا يتم الإيمان إلا بها، فإذا أصاب الانسان ابتلاء.

 

علم أن ذلك بقضاء الله وقدره، وإن في البلاء تمحيصا للمؤمن وتخليصه من الشوائب المنافية للإيمان، فالبلايا والمحن هي المحك الذي يكشف عما في القلوب ،وتظهر به مكنونات الصدور، وينتفي بها الزيف والرياء وتنكشف به الحقيقة بكل جلاء، وأن في البلاء ردعا وتحذيرا من الغرور، فالعقوبة العاجلة على ما اقترفه الإنسان أو الأمة من معاصي، تقتضي حكمة المولى عز وجل أن تعجل عقوبتها حيث إن فيها ردعا وتحذيرا وعبرة، لهم ولغيرهم من الأفراد والجماعات، وإن الابتلاء وسيلة للتمكين في الأرض، فقيل للشافعي رحمه الله يا أبا عبد الله، أيهما أفضل للرجل أن يمكن أو يبتلى؟ فقال الشافعي لا يمكن حتى يبتلى، فإن الله تعالى ابتلى نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدا صلوات الله عليهم أجمعين.

 

فلما صبروا على الابتلاء مكنهم فلن يمكن المسلمون في الأرض إلا بعد أن يبتلوا ، ليميز الله الخبيث من الطيب والصادق من الكاذب، وأن في البلاء رحمة بالعصاة والتخفيف عنهم يوم القيامة، فمن حكمة الابتلاء بالعقوبة أن يعجل الله للمذنب عقوبته فتأتيه في الدنيا تخفيفا عنه يوم القيامة، وإن في البلاء إقامة حجة العدل على العباد فيعلم العبد المبتلى أن لله عز وجل عليه الحجة البالغة، وإن في البلاء إقامة حجة العدل على العباد فيعلم العبد المبتلى أن لله عز وجل عليه الحجة البالغة، فإذا أصابه بشيء من المكروه، فلا يقل لماذا؟ فهو يعلم أنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة، ويقول الله عز وجل فى سورة الشورى ” وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير”

 

فإن هذه الآية الكريمة فيها حكم عظيمة، وفيها فوائد جمة لمن تأملها، ذلك أن ما يدور في هذه الحياة وأنه يفهم من ضوء هذه الآية أن يعرف أهل الإيمان ما يواجههم، ويعرفون تفسير ما في هذه الدنيا من خلال هذه الآية فقال الله تعالى في كلمات قليلة موضحا حكمة عظيمة في خلقه فيقول عز وجل فى سورة الفرقان ” وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون “وعند هذه الكلمات القليلة من كتاب ربنا نتوقف، ونريد أن نفهم معاني هذه الكلمات، والمسلم مطالب بفهم كتاب الله، وهذه الفتنة والابتلاء من حكمة الله تعالى في خلقه فكما أنه يبلوهم بالمصائب، ويبلوهم بالنعمة يبلوهم بالحسنات، والسيئات، ويبلوهم بشرعه، وقدره، فكذلك يبلوا بعضهم ببعض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى