مقال

السيدة سمية بنت خياط ” جزء 1″

السيدة سمية بنت خياط ” جزء 1″

بقلم / محمــــد الدكـــرورى

 

هى إمرأة من طراز نادر في الثبات على الحق والشجاعة واليقين، عاشت في زمانها عمرا قصيرا ولكنه كلن مليئا بالبطولات والتضحية والفداء في سبيل دين الله عز وجل ودعوته الناشئة، ولهذا حملتها صفحات السيرة والتاريخ إلينا ملهمة دائمة للمرأة المسلمة في كل زمان ومكان، ومثالا ناصعا على الانتصار بالله، والاعتزاز بالانتساب إلى دينه، تهون عليها الحياة ولا يهون دينها، فهي صحابية لا تملك حسبا ولا نسبا ولا جمالا، ليست لها في قريش مكانة أو جاه، هي باختصار أمة، أي بمعني جارية وقد عاشت أمة وماتت وهي أمة تحت العبودية الطاغية ، وشهد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لهذه العبدة الضعيفة بأنها من أهل الجنة، فأية عظمة تحملها سيرتها، وهل هناك أعظم من أن يتحول العبد الضعيف إلى مدرسة في الصمود والإباء والتحدي.

 

فإن بعضكم في شوق لمعرفة هذه الصحابية، ولربما عرفها الكثيرون فقالوا إنها سمية بنت خياط، فإنها السيدة سمية بنت خياط رضي الله عنها، تلك الصحابية الجليلة، وهي أول شهيدة في الإسلام، وكانت زوجة الصحابي ياسر بن عامر وأم الصحابي عمار بن ياسر، وقد أسلمت في مكة، وكانت أحد السبعة الذين أظهروا إسلامهم فيها، وقتلها أبو جهل بطعنة بحربة في موطن العفة وكانت السيدة سمية ممن بذلوا أرواحهم لإعلاء كلمة الله عز وجل، وهي من المبايعات الصابرات الخيرات اللاتي احتملن الأذى في ذات الله، وكانت من الأولين الذين دخلوا الإسلام، فهي سابع سبعة ممن اعتنقوا الإسلام بمكة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق وبلال وصهيب وخباب وعمار ابنها رضي الله عنهم، وإن لسمية الخياط صورة مشرقة في البطولة.

 

ووجه صلد على الهوان، وروح عظيمة لا تنكسر أمام الابتلاء والاضطهاد، حيث لم يكن لها أحد يمنعها أو يحميها من المشركين، فالرسول صلى الله عليه وسلم، منعه عمه، وأبو بكر الصديق منعه قومه، أما هي والباقون فقد ذاقوا أصناف العذاب وألبسوا الدروع الحديدية وصهروا تحت لهيب الشمس الحارقة، وعندما يذكر الكثيرون هذا الاسم يذكرونه بإكبار وشفقة، مصدر إكبارهم هو القوة والثبات التي بثها الإسلام في نفسها فحررها من الانقياد والخضوع إلا لله سبحانه وتعالى وللحق الذي أمر به، وسما بها إلى مرتبة تفوق مراتب الأغنياء والأسياد، مرتبة ليس فيها إلا التقوى معيارا للتفاضل، ولم يكن العبيد والإيماء والمساكين والفقراء يشعرون بالكرامة قبل مجيء الإسلام، ولم يكونوا يعاملون بالعدالة والرحمة، بل كان يُنظر إليهم باشمئزاز واحتقار.

 

ويعاملون بظلم واضطهاد، وعندما حلت على جزيرة العرب رياح الخير مع مجيء النبى صلى الله عليه وسلم، فشم هؤلاء المستضعفون من دينه الجديد رائحة العدل والكرامة، وسارعوا إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وحملوا لواء الإسلام وفدوه بأرواحهم، ولم يخب ظن هؤلاء المستضعفون في الدين الذي آمنوا به، فلقد طبق المسلمون تعاليم دينهم على الغني والفقير، على القوي والضعيف، حين سرقت المرأة المخزومية وتوسط أسامة بن زيد حب النبي صلى الله عليه وسلم ليشفع لها عنده، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أغضبه أن يشفع أسامة في حد من حدود الله، وقال له “إنما أهلك من كان قبلكم إنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ” رواه مسلم.

 

إذن عندما تذكر سمية يشعر كثيرون بالإكبار، يشوب هذا الإكبار شيء من الحزن والألم والشفقة، لماذا؟ لأن اسم سمية وياسر وبلال وصهيب وخباب وغير هؤلاء يعيد إلى أذهاننا ألوان الاضطهاد وصنوف العذاب التي صبتها قريش عليهم وعلى أمثالهم لأنهم آمنوا بالإسلام وبنبي الإسلام، وكانت السيدة سمية بنت خياط أمة لأبي حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وتزوجت من حليفه ياسر ابن عامر بن مالك بن كنانه بن قيس العنسي، وكان ياسر عربيا قحطانيا مذحجيا من بني عنس، أتى إلى مكة هو وأخويه الحارث والمالك طلبا في أخيهما الرابع عبد الله، فرجع الحارث والمالك إلى اليمن وبقي هو في مكة، وياسر بن عامر، وهو رجل يمني قدم إلى مكة ليبحث له عن أخ فقده منذ سنوات فطاب له العيش في مكة فاستقر فيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى