مقال

فضائل وبدع شهر رجب ” جزء 2″

فضائل وبدع شهر رجب ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع فضائل وبدع شهر رجب، ولهذا فينبغي على المسلم أن يكون في هذه الأشهر أكثر ابتعادا عن الذنوب والآثام، وتوقيا لكل ما يغضب الله عز وجل، فيبتعد عن ظلمه لربه بالإشراك به سبحانه، وصرف شيء من العبادة لغيره عز وجل، ويبتعد عن ظلمه لإخوانه بالاعتداء عليهم وسفك دمائهم، أو أكل أموالهم وحقوقهم، أو الولوغ في أعراضهم، ونهش لحومهم، وتتبع عوراتهم، وإفشاء أسرارهم، وإلحاق الأذى بهم، ويبتعد عن ظلمه لنفسه، والإساءة إلى شخصه، بمعصيته لخالقه، وخاصة ما يتساهل فيه بعض الناس من صغائر الذنوب ومحقرات المعاصى، فعن أنس بن مالك رضى الله عنه، قال إنكم لتملون أعمالا هى أدق فى أعينكم من الشعر، إن كنا نعدها على عهد النبى صلى الله عليه وسلم الموبقات، وقال أبو عبد الله يعنى المهلكات”

 

وقد سمي رجب مضر لأن مضر كانت لا تغيره بل توقعه في وقته بخلاف باقي العرب الذين كانوا يغيّرون ويبدلون في الشهور بحسب حالة الحرب عندهم وهو النسيء المذكور في قوله تعالى “إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله” وقيل أن سبب نسبته إلى مضر أنها كانت تزيد في تعظيمه واحترامه فنسب إليهم لذلك، وفى سبب تسمية شهر رجب، فقد قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة، بأن رجب، الراء والجيم والباء أصل يدل على دعم شيء بشيء وتقويته، ومن هذا الباب رجبت الشيء أي عظمته، فسمي رجبا لأنهم كانوا يعظمونه وقد عظمته الشريعة أيضا، وقد كان أهل الجاهلية يسمون شهر رجب مُنصل الأسنة كما جاء عن أبي رجاء العطاردي قال.

 

كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو أخير منه ألقيناه وأخذنا الآخر، فإذا لم نجد حجرا جمعنا جثوة أى كوم من تراب، ثم جئنا بالشاة فحلبناه عليه ثم طفنا به، فإذا دخل شهر رجب قلنا مُنصل الأسنة فلا ندع رمحا فيه حديدة ولا سهما فيه حديدة إلا نزعناه وألقيناه في شهر رجب” رواه البخارى، وقال البيهقي كان أهل الجاهلية يعظمون هذه الأشهر الحرم وخاصة شهر رجب فكانوا لا يقاتلون فيه، وشهر رجب شهر الانتصارات فهو يذكرنا بمجد كان لأمتنا ففيه كانت غزوة تبوك، وفيه أيضا كان تخليص المسجد الأقصى من أيدي الصليبين على يد القائد صلاح الدين وفيه كان الإسراء والمعراج، ويحتفل العالم الإسلامي بشهر رجب إذ يعد شهر رجب من الأشهر المحببة لدى المسلمين فهو من الأشهر الحرم، ويحتفل فيه المسلمون بذكرى ليلة الإسراء والمعراج.

 

وأن هناك أعمال مستحبة القيام بها في شهر رجب، حيث أن شهر رجب هو أحد أشهر الله الحرم، وهو شهر للبركة والمغفرة ومضاعفة الأجر، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى هلال رجب قال ” اللهم بارك‏ لنا في‏ رجب‏ وشعبان، وبلغنا شهر رمضان” وإنه يستحب في شهر رجب الإكثار من الصيام والصدقات والعمرة، كما يستحب الدعاء طيلة الشهر وبخاصة في الليلة الأولى منه، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال ” خمس ليال لا يرد فيهن الدعاء، ليلة الجمعة، وأول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وليلة العيد، وليلة النحر” رواه البيهقي في شعب الإيمان، ولقد جاء في السنة النبوية الشريفة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال “يا رسول الله لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان؟

 

قال ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم” فاستدلوا من هذا الحديث على استحباب صيام رجب، فكما أن صيام شعبان مستحب فكذلك صيامه، وقيل أنه استحب التقرب إلى الله بالذبح من بهيمة الأنعام في شهر رجب، وهو ما يسمى بالعتيرة، ويستدل على ذلك بما رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي عن مخنف بن سليم قال كنا وقوفا مع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات فسمعته يقول ” يا أيها الناس على كل أهل بيت في كل عام أضحية وعتيرة، هل تدرون ما العتيرة؟ هي التي تسمونها الرجبية” وأن أعظم ما يتقرب به المرء في هذه الأيام هو التوبة والاستغفار والبعد عن المظالم، فالظلم وإن كان حراما طيلة العام، إلا إن حرمته تشتد في الأشهر الحرم وقد جاءت الوصية في القرآن الكريم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى