مقال

لنعمل ونجتهد الان :

لنعمل ونجتهد الان :

 

فهيم سيداروس

 

إذ كان الفلاح العجوز يحرث أرضه إعتاد أن يضع ثوراً و بغلاً معاً يقوما بسحب المحراث .

تكونت صداقة قوية بين الثور و البغل اللذين كانا يمارسان عملهما معاً بكل إجتهاد .

قال الثور للبغل : ” لقد تعبنا أياماً كثيرة في حرث الأرض ، و لم يعطنا الفلاح راحة كافية . هيا بنا نلعب دور المريضين ، فيهتم بنا و يريحنا قليلاً ” .

أجاب البغل : ” لا كيف نتمارض و موسم الحرث قصير ، و الأيام مقصرة ، إن الفلاح يهتم بنا طوال العام ، و يقدم لنا كل إحتياجاتنا . لنعمل بإجتهاد حتى ننتهي من عملنا ، فيفرح بنا الفلاح ”

قال الثور : ” إنك غبي و غير حكيم . لتعمل أنت بإجتهاد ، فيستغلك الفلاح ، أما أنا فسأتمارض ” .

إذ تظاهر الثور بالمرض قدم له الفلاح عشباً طازجاً و حنطة و إهتم به جداً و تركه يستريح .

عاد البغل من الحرث مرهقاً إذ كان يسحب المحراث بمفرده ،

فسأله الثور : “ما هي أخبارك ؟ ”

أجابه البغل : ” كان العمل شاقاً ، لكن اليوم عبر بسلام ”

عندئذ سأله الثور :” هل تحدث الفلاح عني ؟ ” .

أجاب البغل :” لا ” .

في الصباح قام الثور بنفس الدور حاسباً أنه قد نجح في خطته ليعيش في راحة و يعفي نفسه من العمل ،يأكل و يشرب و ينام بلا عمل . و في نهاية اليوم جاء البغل مرهقاً جداً .

 

سأل الثور البغل كما في اليوم السابق عن حاله

 

فأجابه : ” كان يوما مرهقاً جداً ، لكني حاولت أن أبذل جهداً أكثر لأعوض عدم مشاركتك إياي في العمل “.

 

فتهلل الثور جداً و سخر بالبغل لأنه يرفض أن يتمارض فيستريح معه .

سأل الثور البغل : ” ألم يتحدث معك الفلاح بشيء عني ؟ ”

 

أجابه البغل : ” لم يتحدث معي بشيء ، لأنه كان منهمكاً في الحديث مع الجزار “.

 

هنا إنهار الثور و أدرك أن الفلاح سيقدمه غداً للذبح ، لأنه لا يصلح للعمل بعد .

 

كثيراً ما نظن أن راحتنا هي في الكسل و التراخي ، فنتمارض و نعطي لأنفسنا أعذاراً ، و لا ندرك إننا بهذا نعد أنفسنا للذبح.

 

كثيراً ما نتلذذ بشهوات الجسد ، ظانين أن ذلك فيه راحة و مكسب ، لكنه تأتي لحظات ندرك أننا كنا نذبح أنفسنا .

 

لنعمل و لنجتهد الآن فنحيا… و نغلب… و نكلّل..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى