مقال

هند بنت عمرو بن حرام ” جزء 2″

هند بنت عمرو بن حرام ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع السيدة هند بنت عمرو بن حرام، فقال عمرو والله إني أراكم قد أسأتم خلافتي في مناف، قالوا هو ذاك، انظر إليه في ذلك البئر، فأشرف فرآه، فبعث إلى قومه فجاءوا، فقال ألستم على ما أنا عليه؟ قالوا بلى، أنت سيدنا، قال فأشهدكم أني قد آمنت بما أنزل على محمد، وهكذا كان عمرو بن الجموح صحابي جليل تحدى عرجه للجهاد في سبيل الله تعالى، لكن أبناءه منعوه فاشتكاهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل أنه لم يشهد بدرا، كان أعرج، ولما خرجوا يوم احد منعه بنوه، وقالوا عذرك الله تعالى، فقال الله تعالى “ليس على الأعمى حرج و لا على الأعرج حرج و لا على المريض حرج” فأتى رسول الله صلى الله عليه و سلم يشكوهم، فقال ” لا عليكم أن لا تمنعوه، لعل الله يرزقه الشهادة”

 

وفي رواية أن عمرو بن الجموح قال لبنيه أنتم منعتموني الجنة يوم بدر، والله لئن بقيت لأدخلن الجنة، فلما كان يوم أحد، قال عمر لم يكن لي هم غيره، فطلبته، فإذا هو في الرعيل الأول، وقالت امرأته هند، كأني أنظر إليه قد أخذ درقته، أي وهو يتهيأ للخروج يوم أحد، وهو يقول “اللهم لا تردني” فقتل هو و ابنه خلاد، وبعد استشهاد زوجها عمرو بن الجموح وأخوها عبد الله وابنها خلاد، حملتهم رضي الله عنها على بعيرها وأتت المدينة لتدفنهم ولمحتها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فقالت لهند “ما عندك الخير، ما وراءك ؟ قالت هند “أما رسول الله صلى الله عليه و سلم فصالح، وكل مصيبة بعده جلل” فقالت عائشة من هؤلاء ؟ فقالت أخي، وابني خلاد، وزوجي عمرو بن الجموح، فقالت السيده عائشه رضي الله عنها فأين تذهبين بهم ؟

 

فقالت هند إلى المدينة أقبرهم فيها، وزجرت أم خلاد البعير ليتابع مسيره، فما استطاع، فلما وجهته جهة الميدان تحرك وأسرع حتى بلغ مكان المعركة، وهناك دفنهم الرسول صلى الله عليه وسلم معا، و قال لها “يا هند، ترافقوا في الجنة، عمرو بن الجموح، وابنك خلاد، وأخوك عبد الله” ففرحت وقالت يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني معهم، فرضي الله عنها وأرضاها من صحابية جليلة تصبر وتحتسب ابنها و زوجها وأخاها عند الله وتسأل النبي صلى الله عليه و سلم، أن يدعو لها بأن يجعلها معهم في الجنة، وكانت السيده هند بنت عمرو بن حرام لها مواقفها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أسلمت السيده هند رضي الله عنها، وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك مع أخواتها الشموس ولميس وأم عمرو بنات عمرو بن حرام.

 

وأمهن هند بنت قيس، وقد شهدت السيده هند خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومما روت من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو أنه قد روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت “خرجنا صبيحة يوم أحد من السحر، فإذا امرأة أقبلت بين عدلين، فقلنا ما الخبر؟ قالت خيرا، دفع الله عن رسوله وعن المؤمنين، واتخذ الله من المؤمنين شهداء، ورد الله الذين كفروا بغيظهم، لم ينالوا خيرا، ثم قالت لبعيرها، حل، فقلنا ماهذا ؟ قالت أخي وزوجي، ودفن أخوها وزوجها في قبر واحد” وكانت السيده هند بنت عمرو هى عمة جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري وهو صحابي، من المكثرين من رواية الحديث النبوي، وكان جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام صحابيا أنصاريا من بني غنم بن كعب بن سلمة.

 

وهو أحد بطون قبيلة الخزرج، ولأبيه عبد الله بن عمرو بن حرام الذي قتل في غزوة أحد أيضا صُحبة، وكانت أمه هى السيده نسيبة وقيل أنيسة بنت عقبة بن عدي الأنصارية، وقد اختلف في كنيته فقيل أبو عبد الله، وقيل أبو عبد الرحمن، وقيل أبو محمد، وقد أسلم جابر صغيرا حين شهد بيعة العقبة الثانية مع أبيه، ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم، إلى يثرب، كان جابر من أنصار النبي صلى الله عليه وسلم، الذين التفّوا حوله، إلا أنه لم يشهد غزوة بدر ولا غزوة أحد، حيث منعه أبوه من المشاركة فيهما لأجل أن يرعى أخواته التسع، ولكن بعدما قتل أبوه في غزوة أحد، لم يتخلف جابر عن غزوة من غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، كما شهد بيعة الرضوان.

 

فكانت السيده هند بنت عمرو بن حرام، زوجة الصحابي الجليل عمرو بن الجموح، مثال للقلب المفعم بالإيمان ومثال للصبر والشجاعة والثقة بما عند الله، فما أعظمها من كلمة رددتها السيده هند، بقلب مؤمن بالله وبرسوله وبقضاءه خيره وشره، وهي في عز المحنة “كل مصيبة بعده جلل” صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى