مقال

مقتل عثمان بن عفان “جزء 4”

مقتل عثمان بن عفان “جزء 4”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع مقتل عثمان بن عفان، وبعد هذه الأحداث أخذت السيدة نائلة بنت الفرافصة رضي الله عنها زوجة عثمان رضي الله عنه، أخذت القميص الذي قتل فيه الخليفة عثمان رضي الله عنه وعليه دماؤه، وأصابعها، وكفها التي قطعت، وهي تدافع عن زوجها، وأعطت كل ذلك للنعمان بن بشير رضي الله عنه، وقالت له خذهم إلى معاوية بن أبي سفيان فهو وليه، وحمل النعمان بن بشير رضي الله عنه هذه الأمانات إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه بالشام، فلما وصلت هذه الأشياء إلى معاوية رضي الله عنه علقها على المنبر في المسجد، وبكى وأقسم أن ينتقم، وأن يثأر له، ووافقه أهل الشام جميعا على ذلك، وكان فيهم الكثير من الصحابة، كأبي الدرداء، وعبادة بن الصامت، وغيرهم رضي الله عنهم جميعا.

 

وكان أبو الدرداء قاضي الشام، ومن أعلم أهلها، وأفتى رضي الله عنه بوجوب أخذ الثأر من قتلة عثمان رضي الله عنه، فجلس سبعون ألف رجل يبكون تحت قميص عثمان بن عفان ويقسمون على الأخذ بثأره، وكان من بين من وافق على هذا الأمر وأفتى به، بوجوب أخذ الثأر، أبو مسلم الخولاني وهو من كبار التابعين، ويُقال أنه أعلم أهل الشام بعد أبي الدرداء رضي الله عنه، ووصل هذا الخبر إلى السيدة عائشة رضي الله عنها، وأرضاها، وكانت في مكة هي وجميع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم للحج، وكن في طريقهن إلى المدينة عائدات من الحج حين بلغهم مقتل عثمان رضي الله عنه، فرجعن إلى مكة مرة أخرى، ولما علمت السيدة عائشة رضي الله عنها بمقتل عثمان رضي الله عنه قالت تركتموه كالثوب النقي من الدنس، ثم قربتموه.

 

ثم ذبحتموه كما يذبح الكبش؟ فقال لها مسروق وهو من كبار التابعين هذا عملك، أنت كتبت إلى الناس تأمريهم أن يخرجوا إليه، فقالت لا والذي آمن به المؤمنون، وكفر به الكافرون، ما كتبت لهم سوداء في بيضاء حتى جلست مجلسي هذا، وصدقت رضي الله عنها وأرضاها فيما قالت، وبعد أن رجع أمهات المؤمنين إلى مكة انتظرن إلى أن يرين ما تصير إليه الأمور، وفي تلك الفترة كان على المدينة أميرُ أهل الفتنة الغافقي بن حرب، وقد سارع المتمردون من أهل مصر إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقولون له نبايعك على الإمارة، فسبّهم، ولعنهم، ورفض ذلك، وطردهم، وذهب إلى حائط، أى بستان، من حيطان المدينة، وذهب المتمردون من أهل الكوفة إلى الزبير بن العوام رضي الله عنه وأرضاه، وطلبوا منه أن يكون أميرا.

 

ففعل معهم مثل ما فعل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وذهب كذلك أهل البصرة إلى طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه وأرضاه وطلبوا أن يكون أميرا، فرفض ذلك وردهم، وتحير أهل الفتنة فيمن يتولى خلافة المسلمين، وحتى هذه اللحظة لم يفكر المتمردون في تولية أحدهم أميرا على المسلمين، وإنما جعلوا الغافقي أميرهم أميرا على المدينة إلى أن يتم اختيار الأمير، وكان يصلى خلفه المتمردون، وأهل المدينة، واستمر الحال على هذا الأمر خمسة أيام، وسارع الصحابة رضوان الله عليهم إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقالوا له أنت أحق الناس بهذا الأمر فامدد يدك نبايعك، فرفض علي رضي الله عنه هذا الأمر، وازدادت حيرة أهل الفتنة، فذهبوا إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، فرفض هذا الأمر تماما.

 

فقالوا له أنت ممن رضي عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي عنهم عمر، ولكنه رضي الله عنه رفض، فذهبوا إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فرفض أيضا، فرجعوا مرة أخرى إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقال الصحابة رضوان الله عليهم لعلي رضي الله عنه إن لم تكن أميرا، فسوف يجعلون الأمير منهم، يعني أهل الفتنة، فاجتمع على الإمام علي رضي الله عنه بعض الصحابة رضوان الله عليهم جميعا، وبعض أهل الفتنة، وطلبوا منه أن يكون الأمير، وكان أول من بايعه الأشتر النخعي، وكان ممن خرج مع أهل الفتنة من الكوفة، وعندما وصل الخبر الى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، خبر قتل عثمان رضي الله عنه، ووصله القميص، وأصابع وكف السيدة نائلة، وقالت له السيدة نائلة رضي الله عنها في الرسالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى