مقال

الرجل القنفد أبو دُجانة ” جزء 1″

الرجل القنفد أبو دُجانة ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

لقد علم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن في الجهاد فضلا لا يضاهى، وخيرا لا يتناهى، وأيقنوا أن الجنة تحت ظلال السيوف، وأن الري الأعظم في شرب كؤوس الحتوف، فشمروا للجهاد عن ساق الاجتهاد، ونفروا إلى ذوي الكفر والعناد، وجهزوا الجيوش والسرايا، وبذلوا في سبيل الله العطايا، وأقرضوا أموالهم لمن يضاعفها ويزكيها، ودفعوا سلع النفوس من غير مماطلة لمشتريها، وضربوا الكافرين فوق الأعناق، واستعذبوا من المنية مر المذاق، وباعوا الحياة الفانية بالعيش الباق، وأبو دجانة هو سماك بن خرشة بن الخزرج وقد أسلم مبكرا مع قومه الأنصار، وقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينه وبين عتبة بن غزوان، وشهد معركة بدر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صحابي جليل من الانصار من قوم بني ساعدة من الخزرج.

 

وعندما اسلم وشرح الله قلبه للاسلام عاهد الله على اعلاء راية الاسلام، وقد حضر ابو دجانة غزوة بدر، وكان يتميز بالعصبة الحمراء التي كان اذا ربطها هبت رياح الموت في كل مكان، ولقد كان الصحابى الجليل، أبو دجانة سماك بن أوس الأنصارى، واحدا من السابقين الأولين لدخول الإسلام، فبايع الرسول مبكرا ضمن من بايعه من الأنصار، وحينما شرع الله قتال المشركين الذين يقتلون المسلمين ظلما وعدوانا، فرسالة الإسلام السمحة لا تأمر بقتل وترويع الآمنين مهما كانت عقائدهم الدينية، ولم يبحث ذلك الفارس النبيل عن القتال لمجرد القتل والدم، وحضر ابو دجانة غزوة خيبر وكان من اللذين قاتلوا في هذه الغزوة، كما انه قاتل في غزوة خيبر، وقد قتل الحارث أبا زينب وهو سيد يهود خيبر، وكان ابو دجانة هو واحد من اللذين كانوا سببا في النصر.

 

فقد بارز رجل من اليهود قتل قبله اثنين من المسلمين حتى صاح فيهم من يبارز فخرج له ابو دجانة فقتله، فكبر النبي صلي الله عليه وسلم ومن بعده المسلمون ودخلوا حصن خيبر منتصرين بأمر الله، ولكن وفقا للغاية الحقيقية من الجهاد، وهو الدفاع عن النفس والوطن، وفقا لقوله تعالى “أُذن للذين يُقَاتلون بأنهم ظُلموا وإن الله على نصرهم لقدير، الذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله، ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهُدمت صلوات وبيعٌ ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله قوى عزيز” ومن أجل هذا شهد أبو دجانة بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان واحدا من فرسان الإسلام الذى كتب الله على أيديهم نصره المبين، وعن الزبير بن العوام رضى الله عنه قال عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

سيفا يوم أحد فقال “من يأخذ هذا السيف بحقه؟ فقمت فقلت أنا يا رسول الله، فأعرض عني ثم قال “من يأخذ هذا السيف بحقه؟” فقلت أنا يا رسول الله فأعرض عني ثم قال “من يأخذ هذا السيف بحقه؟” فقام أبو دجانة سماك بن خرشة فقال أنا آخذه يا رسول الله بحقه ، فما حقه؟ قال “ألا تقتل به مسلما ولا تفر به عن كافر” قال فدفعه إليه وكان إذا كان أراد القتال أعلم بعصابة، فلما أخذ أبو دجانة السيف من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج عصابته تلك فعصبها برأسه، فجعل يتبختر بين الصفين، وقال ابن إسحاق إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين رأى أبا دجانة يتبختر “إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن” قال قلت لأنظرن إليه اليوم كيف يصنع؟ قال فجعل لا يرتفع له شيء إلا هتكه و أفراه حتى انتهى إلى نسوة في سفح الجبل معهن دفوف،

 

فأهوى بالسيف إلى امرأة ليضربها، ثم كف عنها، فلما انكشف له القتال، قلت له كل عملك قد رأيت، ما خلا رفعك السيف على المرأة لم تضربها، قال إني والله أكرمت سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقتل به امرأة، ولما أحاط مشركو قريش بالمسلمين وأوسعوهم قتلا وأثخنوهم بالجراح، وقف أبو دجانة مدافعا عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فاحتضن جسده الشريف كى يقيه من السهام والرماح حتى أصبح ظهره كالقنفد من كثرة تلك الرميات، ونجى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان فارس الشارة الحمراء يدرك تماما الوقت الذى يشهر فيه سيفه، فلم يكن سافكا للدماء محبا للقتل، بل مدافعا عن رسول الله صلي الله عليه وسلم والدين الحنيف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى