مقال

السرقة والمجتمع ” جزء 8″ 

السرقة والمجتمع ” جزء 8″

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع السرقة والمجتمع، وقال صلى الله عليه وسلم “إن لله تبارك وتعالى ملكا على بيت المقدس ينادي في كل يوم وليلة “من أكل حراما، لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا” أي بمعني فرضا ولا نافلة، حتى يخرج ذلك الحرام من بيته، فان مات على ذلك، فأنا بريء منه” وقال صلى الله عليه وسلم “أخرجوا الأمانة من بيوتكم، وردوها إلى أربابها، فإنكم تفعلوا فلن تنفعكم أعمالكم شيئا، ولا ينفعكم قول لا اله إلا الله مع الحرام في البيت” وقال صلى الله عليه وسلم “من اكتسب درهما حلالا، وأنفقه في حلال، غفر الله له كل ذنب إلا الربا والحرام” وفي الحديث “طلب الحلال فرض على كل مسلم” أي بعد فريضة الإيمان” وقال صلى الله عليه وسلم “من أكل لقمة الحرام، لم يقبل الله تعالى منه صلاة أربعين يوما” ويقول صلى الله عليه وسلم.

 

“وكل لحم أنبته السحت والحرام، فالنار أولى به” ويقول صلى الله عليه وسلم “لو أن رجلاً اشترى ثوبا بعشرة دراهم، وكان فيهم دراهم حرام، لم يقبل الله تعالى منه عملا حتى يؤديه إلى أهله” وقال صلى الله عليه وسلم “لو أن أصحاب المال الحرام استشهدوا في سبيل الله تعالى سبعين مرة لم تكن الشهادة لهم توبة، وتوبة الحرام رده إلى أربابه، والاستحلال منهم” وقال صلى الله عليه وسلم “من أكل الحلال أربعين يوما، نور الله تعالى قلبه، وأجرى ينابيع الحكمة على لسانه، ويهديه الله في الدنيا والآخرة” وقال الله تعالى لموسى عليه السلام إن أردت أن تدعوني، فصن بطنك عن الحرام، وقل يا ذا المن القديم، والفضل العميم، يا ذا الرحمة الواسعة، فأنى أجيبك فيما سألتني” وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما “لو صمتم حتى تكونوا كالحنايا، وصليتم حتى تكونوا كالأوتار، لم يقبل منكم إلا بورع حاجز”

 

وأخبر النبي صلي الله عليه وسلم أن السارق عند سرقته لا يكون مؤمنا، يرتفع منه الإيمان لا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ومن السرقات العظيمة السرقة من الأراضي، تغيير العلامات ليسرق من الأرض، ويضيف ما ليس من حقه في حقه، يدخله فيه، قال صلي الله عليه وسلم “ومن سرق من الأرض شبرا” شبرا واحدا يأخذه الرجل من أرض جاره، شبرا واحدا “ومن سرق من الأرض شبرا طوقه يوم القيامة من سبع أرضين” هذا الشبر اضرب في عمق سبع أرضين ويجعل حول عنق السارق يوم القيامة، كيف يحمله؟ كيف يطيقه؟ هكذا هو حاله يوم القيامة، وكذلك روى مسلم رحمه الله عن ندم السارق يوم تقوم الساعة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوانتخرج الأرض كل ما فيها من الكنوز.

 

والأموال من الذهب والفضة التي هي سبب تقاتل الناس وشجعهم، وسرقتهم واعتداء بعضهم على بعض، وقطعهم أرحامهم تقيء الأرضإذن يوم القيامة تقيء الأرض، أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة، فيجيء القاتل، فيقول في هذا قتلت، ويجيء القاطع، فيقول في هذا قطعت رحمي، ويجيء السارق فيقول في هذا قطعت يدي، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئا، فإن الأمر جد خطير، وإن هذه الجريمة التي ترتكب من قبل كثير من الناس في اعتدائهم على الأموال العامة، والسيارات والبيوت، والمخازن والأسواق، والحقائب والأموال، إنها جريمة عظيمة، ولا ننسى أن نذكر حديث النبي صلي الله عليه وسلم في أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته لا يتم ركوعها، ولا سجودها، وإن السارق عنصر فاسد في المجتمع، فإذا ترك صار فساده في جسم الأمة.

 

فلا بد من حسمه بالحد، تلك اليد الظالمة التي امتدت إلى ما لا يجوز لها الامتداد إليه، الهاتمة الباغية التي تأخذ ولا تعطي لا بد من قطعها، إن السرقة التي عرفها العلماء بقولهم أخذ المال على وجه الاختفاء من مالكه، لها شروط إذا توافرت في السارق والمسروق منه، مثل أن يكون معصوما، ولا شبهة للآخذ منه، وكان المال المأخوذ قد بلغ النصاب، وأخذ من حرز، ولم تكن هناك مجاعة، وكان الأخذ على وجه الخفية ولذلك المغتصب والمنتهب على عظم الجريمة لا يقطعان، لكن يؤدبان بالتأديب البالغ، إذا توافرت الشروط قطعت يد السارق، قال ابن القيم رحمه الله “إنما قطع السارق دون المنتهب والمغتصب لأنه لا يمكن التحرز منه، والغاصب يمكن أن تخفي مالك عنه، وكذلك المنتهب الذي يأخذه عيانا أما السارق فإنه ينقب الدور، ويهتك الحرز، ويكسر القفل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى