مقال

أحوال في شهر رجب ” جزء 2″

أحوال في شهر رجب ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع أحوال في شهر رجب، فأماعن حكم تخصيص شهر رجب أو أول يوم منه أو أول جمعة أو خميس منه بالصيام؟ فقد جرت عادة بعض المسلمين على تخصيص شهر رجب أو أول يوم منه أو أول خميس أو أول جمعة فيه بالصيام، وهذا التخصيص لم يثبت عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه الكرام رضي الله عنهم أجمعين، فما صاموا هذه الأيام، ولا دعوا الناس إلى صيامها، بل لا زال العلماء على اختلاف بلدانهم ومذاهبهم وأزمانهم، يُنكرون ما يُروى عن هذا الصيام من أحاديث ضعيفة أو مكذوبة، ويُبيّنون للناس بطلانها وأنها لا تصح، فقد قال الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي رحمه الله بأنه لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيامه، ولا في صيام شيء منه مُعيّن، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه، حديث صحيح”

 

وقد قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله “وأما الصيام فلم يصح في فضل صوم رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه” وأما من كانت له عادة بصيام يوم وإفطار يوم من كل شهر في السنة، أو صيام الأيام البيض، أو الاثنين والخميس من كل شهر، فهذا لا حرج عليه في صيامها في رجب، لأنه لم يقصد تخصيص شهر رجب، ولا تعظيمه على باقي الشهور بالصيام فيه، وسمي رجب مضر لأن مضر كانت لا تغيره بل توقعه في وقته بخلاف باقي العرب الذين كانوا يغيّرون ويبدلون في الشهور بحسب حالة الحرب عندهم وهو النسيء المذكور في قوله تعالى ” إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله ” وقيل أن سبب نسبته إلى مضر.

 

أنها كانت تزيد في تعظيمه واحترامه فنسب إليهم لذلك، وقال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة أن معني وتفسير كلمة رجب هي أن الراء والجيم والباء أصل يدل على دعم شيء بشيء وتقويته، ومن هذا الباب هو رجبت الشيء أي عظمته، فسمي رجبا لأنهم كانوا يعظمونه وقد عظمته الشريعة أيضا، وقد كان أهل الجاهلية يسمون شهر رجب مُنصّل الأسنة كما جاء عن أبي رجاء العطاردي قال “كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو أخير منه ألقيناه وأخذنا الآخر، فإذا لم نجد حجرا جمعنا جثوة أي بمعني “كوم من تراب” ثم جئنا بالشاة فحلبناه عليه ثم طفنا به فإذا دخل شهر رجب قلنا مُنصّل الأسنة فلا ندع رمحا فيه حديدة ولا سهما فيه حديدة إلا نزعناه وألقيناه في شهر رجب” رواه البخاري، وقال البيهقي كان أهل الجاهلية يعظمون هذه الأشهر الحرم وخاصة شهر رجب.

 

فكانوا لا يقاتلون فيه، والسؤال هنا هو أنه هل لشهر رجب فضل على غيره من الشهور؟ وهل وردت في السنة الصحيحة أحاديث تؤكد ذلك؟ والإجابة هى أنه قال ابن حجر، لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيامه، ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه، وقال أيضا، وأما الأحاديث الواردة في فضل رجب، أو في فضل صيامه، أو صيام شيء منه فهي على قسمين ضعيفة، وموضوعة، وهذا لا يعني أنه لا يشرع فيه التعبد، بل على المسلم أن يتقرب فيه إلى الله عز وجل بكل أنواع الطاعات من نوافل الطاعات والأعمال الفاضلات من صلاة، وصيام، وصدقات، وغيرها من القربات على أنه من الأشهر الحرم، وأما الأحاديث الواردة في فضل شهر رجب، أو في فضل صيامه، أو صيام شيء منه فهي على قسمين ضعيفة، وموضوعة.

 

وهذا لا يعني أنه لا يشرع فيه التعبد، بل على المسلم أن يتقرب فيه إلى الله عز وجل بكل أنواع الطاعات من نوافل الطاعات والأعمال الفاضلات من صلاة، وصيام، وصدقات، وغيرها من القربات على أنه من الأشهر الحرم، لا على الاعتقاد بفضيلة مخصوصة لهذا الشهر المحرم، فسبحان الله العظيم الخالق الوهاب القادر علي كل شيء فسبحانه وتعالي يقول ” وربك يخلق ما يشاء ويختار ” والاختيار هو الاجتباء والاصطفاء الدال على ربوبيته ووحدانيته وكمال حكمته وعلمه وقدرته عز وجل، ومن اختياره وتفضيله سبحانه وتعالي هو اختياره بعض الأيام والشهور وتفضيلها على بعض ، وقد اختار الله من بين الشهور أربعة حُرما فقال تعالى في سورة التوبة ” إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن انفسكم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى