مقال

سبحان الذي أسري بعبده ليلا ” جزء 9″

سبحان الذي أسري بعبده ليلا ” جزء 9″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء التاسع مع سبحان الذي أسري بعبده ليلا، ويقول له قم يا محمد، ويأمره أن يطوف بالكعبة سبعا، ويركب الرسول صلى الله عليه وسلم البراق، والبراق هو وسيلة المواصلات التى استخدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم للإنتقلال من مكة الى بيت المقدس، ويصف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم البراق بأنه دابة بيضاء جميلة فوق الحمار ودون البغل، يضع حافره عند منتهى بصره، والبراق هو دابة ركبها الأنبياء قبل الرسول صلى الله عليه وسلم وعندما ركبها رسول الله صلى الله عليه وسلم نفرت، فقال جبريل عليه السلام “مه يا براق، فوالله ما ركبك قط أكرم على الله منه” وفي الطريق الى بيت المقدس تظهر امرأة متبرجة بكل أنواع الزينة, حاسرة على ذراعيها تنادي يا محمد انظرني أسألك, فلم يلتفت اليها صلى الله عليه وسلم, ويقول له جبريل أماسمعت شيئا في الطريق؟

 

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم”بينما أنا أسير اذا بامرأة حاسرة على ذراعيها، عليها من كل زينة تقول يا محمد انظرني أسألك، فلم أجبها، ولم أقم عليها” فقال جبريل تلك الدنيا, اما أنك لو أجبتها, لو أقمت عليها،لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة” وعندما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم الى بيت المقدس، فيربط البراق بحلقة، وهذا أخذ بالأسباب، لأن رحلة الاسراء والمعراج كلها رموز، فلماذا ربط البراق ؟ وهو أن التوكل على الله لا يعنى ألا تأخذ بالأسباب، وعند الوصول يجد الرسول صلى الله عليه وسلم في انتظاره جميع الأنبياء والمرسلين، منذ آدم وحتى عيسى، فكل الأنبياء نزلت لاستقبال الرسول صلى الله عليه وسلم، وقيل أن عددهم مائة وأربعة وعشرون ألف نبي، فكان أعظم اجتماع في تاريخ البشرية، وتصطف الأنبياء للصلاة ركعتين.

 

وتنتظر الأنبياء من سيصلى بهم اماما، ويقول جبريل عليه السلام تقدم يا محمد فأنت إمام الأنبياء والمرسلين، ولكن ما معنى هذا ؟ وما معنى أن يصلى جميع الأنبياء صلاة واحدة، ومامعنى أن يصلى بهم الرسول صلى الله عليه وسلم اماما، فإن معنى أن يصلى جميع الأنبياء صلاة جماعة واحدة، هو وحدة الأنبياء في دعوتهم، فالكل جاء بالتوحيد الخالص من عند الله، الأنبياء إخوة ودينهم واحد، وهو دين الاسلام، وما معنى أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الإمام، مع أن الأولى أن يكون آدم مثلا هو الإمام، وإن المعنى هو أن النبوة والرسالة قد انقطعت فلا نبوة بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا رسالة، فسبحان الله العظيم القائل “ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين” وإن المعنى الثاني وهو المهم جدا هو تسليم راية قيادة البشرية الى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.

 

فكأن الجميع يقول أنت مسئول عن الأرض يا محمد، والأمة الاسلامية هي المسئولة عن الأرض، وأن حادثة الاسراء والمعراج وقعت للنبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم في عام الحزن بعد أن ماتت زوجته السيدة خديجة بنت خويلد التى كان يأوي اليها، ومات عمه أبو طالب الذي كان يحميه، وذهب الى ثقيف يبحث عن رجال تعينه في تبليغ أمر دعوة الله، ولكنها ردته ردا سيئا وأغرت به السفهاء، وضربوه بالحجارة حتى أدميت قدماه، ويريد أن يعود الرسول صلى الله عليه وسلم الى مكة فلا يستطيع أن يدخلها من شدة ايذاء قريش له، وتأتي رحلة الاسراء والمعراج، وهي تقول بلسان حالها إن كان أهل الأرض لم يعرفوا قدرك فإن أهل السماء قد عرفوك، وكما أشارت رحلة الإسراء والمعراج إلى قضايا تتعلق بالمجتمع تنشر الأمن والأمان إذا تم حفظها ورعايتها.

 

وتبعث الخوف والقلق وعدم الاستقرار عند التفريط فيها منها الأمانة، فإن الأمانة حمل ثقيل وأمر خطير عُرض على الكون، سمائه وأرضه وجباله، فوجلت من حمله، وأبت من القيام به، خوفا من عذاب الله تعالى، وحملها الإنسان، فمن اتصف بكمال الأمانة فقد استكمل الدين، ومن فقد صفة الأمانة فقد نبذ الدين، وكما أشارت رحلة الإسراء والمعراج إلى قضايا تتعلق بالأموال وحرمتها وهذا منهج نحتاج إليه في زماننا وفى كل زمان ومكان فلقد اعمي حب المال كثير من الناس فتصارعوا على جمعه لا يبالون امن حلال أم من حرام ومن تلك الطرق هو الربا، فالله سبحانه وتعالي أحل للمسلم أن يسعى في طلب المال من حله، وأن يتاجر بالحلال ليكسب الأموال، ولم يرضى سبحانه لعبد أن يستغل حاجة المحتاجين ليضاعف أمواله بالربا، ومنها أيضا أكل أموال اليتامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى