مقال

المرأة في زمن الجاهلية والإسلام ” جزء 10″

المرأة في زمن الجاهلية والإسلام ” جزء 10″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء العاشر مع المرأة في زمن الجاهلية والإسلام، فلا يقول بنت فلان تزوجت بكذا وابنتي ليست أقل منها فمهرها كذا وكذا ويطلب مالاطاقة للشباب به من الأموال وغيرها، فتقبع البنات حبيسات أسيرات لقسوة الآباء والأمهات وتمسكهم لعادات وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان والقدوة الحسنة هو نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم حيث قال “أعظم النساء بركة أيسرهن مؤونة” رواه أحمد، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه “ألا لا تغالوا في صدق النساء، يعني في مهورهن، فإنه لو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله ، كان أولاكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية.

 

وإن الرجل لبغلي بصدقة امرأته، أي بمهرها حتى يكون لها عداوة في قلبه، وحتى يقول كلفت فيك علق القربة” رواه النسائي وأبو داود، ومن هذا تعلم أنه في كثرة المهر تكون العداوة بين الزوجين حينما يتذكر ضخامة المال الذي دفعه بسبب جشع الأب وطمعه، فيكيلها من الكلمات القاسية، والضربات الموجعة ما تسود به الحياة بينهما ليلا ونهارا، ولسان حال الفتاة يقول سامحك الله يا أبي لقد بعتني وخسرت حياتي مقابل مال سيطول بك الحساب عليه عند من لا تخفى عليه خافيةن سامحك الله يا أبي لقد تركتني وحيد حبيسة لا منقذ ولا منجد إلا الله، فحسبي الله فيك ونعم الوكيل، ووالله إن هذه الدعوة دعا بها الخليل إبراهيم عليه السلام عندما ألقي في النار، فجاءه الفرج من الذي بيده مفاتيح الفرج سبحانه وتعالي.

 

فأنجاه الله من النار، وانظروا إلى ورع نساء السلف في حرصهن على حق غيرهن في الميراث، فيروي الحافظ ابن الجوزي رحمه الله أن امرأة من الصالحات كانت تعجن عجينة، فبلغها وهي تعجن موت زوجها، فرفعت يدها منه، وقالت هذا طعام قد صار لنا فيه شركاء، أي أن مال الرجل إذا توفي انتقل وصار ملكا لورثته الشرعيين، فلم يصبح لها وحدها، فلذلك رفعت يدها من العجين، وقالت هذا طعام قد صار لنا فيه شركاء، وأن هناك امرأة أخرى كانت تستصبح بمصباح يعني بالزيت أو شيء من هذا فجاءها خبر زوجها فأطفأت المصباح، وقالت هذا زيت قد صار لنا فيه شركاء، يعني ما يجوز لها أن تستقل بالانتفاع به، فهل يسرك أن تأكل ثمرة فاكهة مسمومة، أو أن تطعمها أولادك.

 

أو أن ترى رجلا غافلا يهم بأكلها وتتركه؟ أيسرك ذلك ؟ فإن لأكلك حقا ليس لك لهو أخف ضررا من أكلك طعاما مسموما يقتلك، إذ أن أكلك حقا ليس لك يؤدي بك إلى نار جهنم التي تشوي لحوم الظالمين، ولئن تترك ولدك يشرب سما زُعافا لهو خير لك وله من أن تتركه يأكل حق أخته من إرثك الذي خلفت، ولئن تنقذ إنسانا من الوقوع في جريمة أكل حقوق البنات لذلك أعظم خيرا وبركة من إنقاذه من الموت، وقيل أن هناك شاب حرم أخواته الثلاث من الميراث، فأخواته الثلاث طلبن منه حقهن من أبيهن المتوفى، ووعدهن في ليلة كذا أعطيكن حقكن ونكتب الأوراق الرسمية وجاءت أخواته على الموعد وكان قد جهز الأوراق والتنازلات وحينما دخلن أمرهن بالتوقيع والبصمات فوقعن وبصمن بحسن نية.

 

وبعد التوقيع والبصمات وضع الأوراق في حقيبته وقال اخرجن فليس لكن شئ عندي فقد أخذتن حقوقكن كاملة وهذه هي المستندات فقالت إحداهن بعد أن رفعت يديها إلى السماء حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا أخي اللهم خذ لي حقي من أخي اللهم أرني فيه يوما وكأن أبواب السماء مفتحة فسقط على الأرض يصرخ ويستغيث فحملوه إلى المستشفى فأصيب بشلل شلت يده بدعوة مسكينة مظلومة وقرر الأطباء أن حالته ميئوس منها وظل عشرة أيام يصرخ من شدة الألم وشكته أخته إلى أحد الدعاة وجاء هذا الشيخ ليذكره بالله ورد الحقوق فقال يأخذوا كل مالي وأمر الأخ وكيله المحامي بإعطائهن حقهن غير منقوص وتم تسليمهن حقهن كاملا فسر وجه أخته التي دعت عليه قبل.

 

ورفعت يديها إلى السماء وقالت اللهم اشف أخي ابن أبي وأمي، فوقف المريض على قدميه بقدرة الله تعالي واحتضن أخته وبكي وبكت أخته وبكى الجميع، فحقا إنها دعوة مظلومة سرت بليل غفلنا عنها ولم يغفل عنها الله عز وجل فإياكم وأكل الميراث وإياكم ودعوة المظلوم، فلا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا، فالظلم ترجع عقباه إلى الندم، تنام عينك والمظلوم منتبه، يدعو عليك وعين الله لم تنم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى