مقال

أصل البر في الإسلام ” جزء 6″

أصل البر في الإسلام ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع أصل البر في الإسلام، فقام إليه رجل من المسلمين، فقال يا رسول الله، من هؤلاء؟ فأقبلت وعليّ ثوبان أخضران حضرميان، فقال أيها السائل، هذا منهم، وكذا رواه ابن جرير من حديث سليمان بن أيوب الطلحي به، وعن موسى بن طلحة، قال دخلت على معاوية بن أبى سفيان رضي الله عنه، فلما خرجت دعاني، فقال ألا أضع عندك يا ابن أخي، حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” طلحة ممن قضى نحبه” وإن من أنواع الصدق، وهو ذلك النوع العظيم المهم الذي لا نجاة للعبد إلا به، ألا وهو صدقه ابتداء في إيمانه بهذا الدين، وتلفظه بالكلمة العظيمة، كلمة التقوى شهادة أن لا إله إلا الله، وكذا تلفظه شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

فهو القائل “ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار” فاشترط رسول الله صلى الله عليه وسلم في إنجاء من قال هذه الكلمة من النار أن يقولها صدقا من قلبه، فلا ينفعه مجرد التلفظ بدون مواطأة القلب، وقال عز وجل في ذم من يقول هذه الكلمة دون مواطأة القلب كما جاء فى سورة البقرة ” ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين، يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون، فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون ” فاحذروا من خداع أنفسكم، وتبرير التكاسل لها عن العبادة أو الطاعة، وإن الصدق في الإيمان له مقومات ودلائل، أولها هو العمل الصالح فإن الله عز وجل.

 

جعل العمل الصالح أيضا بالإضافة إلى مواطأة القلب للسان، من مقومات صدق الإيمان التي لا يتم إلا بها، كما قال الله عز وجل فى كتابه الكريم فى سورة البقرة ” ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين فى البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون ” ومن دلائل صدق الإيمان هو التضحية بالنفس والمال في سبيل الله، واستفراغ الجهد وما في الوسع لنصرة دين الله عز وجل، ومن دلائل الصدق في الإيمان هو الثبات في الفتنة.

 

وتحمل الأذى في سبيل الله عز وجل، في تواضع تام دون غرور، فالصادقون في إيمانهم لا يؤثرون عليه شيئا ولو كان ذلك الشيء هو الحياة نفسها، والمؤمن لا يندم أو يتحسر على ما أصابه من أذى في سبيل الله، ولا يقول ليت ذلك لم يحدث لي، لأنه يعلم أن ذلك من إكرام الله له ورفع درجته، وأنه في حاجة لتقديم نفسه كلها في سبيل الله، فهذا صحابي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما فقأ المشركون عينه قالوا له أما كنت غنيّا عما أصابك، أو كلمة نحوها يريدون بذلك أن يتحسر ويندم، فقال بل الأخرى أحوج لما يصلحها في سبيل الله، ومن دلائل الصدق في الإيمان أيضا هو مغالبة الضرورات، وعدم الترخص في المعاصي، وعدم التحجج بالأعذار في ترك الطاعات والبذل والجهاد والدعوة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى