مقال

منزلة الصدق من الدين ” جزء 7″

منزلة الصدق من الدين ” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السابع مع منزلة الصدق من الدين، فاشتد رجال من المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا يا رسول الله، صدّق الله حديثك قد انتحر فلان فقتل نفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يا بلال قم فأذن، ألا يدخل الجنة إلا مؤمن، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر “رواه البخاري، ولو قال واحد كيف يقاتل مع المسلمين؟ نقول إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، وهذا له أمثلة كثيرة في الواقع، فتجد الرجل ينشر العلم ويطبع الكتب ويبني المساجد، ويفعل أشياء ينتفع بها المسلمون وهو فاجر، نقول هذا لا يجعل فجوره صلاحا إذا كانت نيته ليست لله، لكن هذا مصداق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم، إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، وقد صدق الله صحابة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

 

فمن ضمن تلك الأمثلة ما روى البخارى، عن زيد بن أرقم قال “كنت مع عمي فسمعت عبد الله بن أبي بن سلول يقول كما جاء فى سورة المنافقون ” لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا، لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ” فذكرت ذلك لعمي، فذكر عمي ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فدعاني، فحدثته بالذي سمعت فأرسل إلى عبد الله بن أبي وأصحابه فحلفوا ما قالوا، وكذبني النبي صلى الله عليه وسلم، وصدقهم بما ظهر من حلفهم، فأصابني غم لم يصبني مثله قط، فجلست في بيتي وقال عمي “ما أردت إلا أن كذبك النبي صلى الله عليه وسلم، ومقتك فأنزل الله تعالى كما جاء فى سورة المنافقون ” إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله ” إلى آخر الآيات.

 

وأرسل إلي النبي صلى الله عليه وسلم، فقرأها، قال ” قد صدّقك الله يا زيد ” ونزلت الآية تصديقا للصحابي، ونحن نأخذ الحق ونصدقه ولو كان مصدره رجلا كافرا، ولو كان مصدره الشيطان، إذا كان حقا نصدق به ولا يمنعنا جرم الكافر أن نصدق كلامه إذا كان حقا، وبعض أهل الكتاب كانوا يخبرون بأشياء من الصدق والنبي صلى الله عليه وسلم، يصدقهم، مثل المرأتان اليهوديتان اللتان جاءتا إلى السيدة عائشة رضى الله عنها، يخبرانها عن عذاب القبر، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فصدّق كلام اليهوديتين بعذاب القبر” رواه البخاري ومسلم، ومن الأمثلة أيضا، عن جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال “لما رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مهاجرة البحر الذين ذهبوا إلى الحبشة.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لهم لما رجعوا “ألا تحدثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة؟ قالت فتية منهم “بلى يا رسول، بينما نحن جلوس مرت بنا عجوز من عجائز رهبانهم تحمل على رأسها قلة من ماء، فمرت بفتى منهم فجعل إحدى يديه بين كتفيها، ثم دفعها فخرّت على ركبتيها فانكسرت قلتها، فلما ارتفعت العجوز التفتت إليه فقالت سوف تعلم يا غُدر يعني يا غادر، إذا وضع الله الكرسي وجمع الأولين والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون كيف أمري وأمرك عنده غدا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “صدقت، صدقت، كيف يقدّس الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم؟ ” رواه ابن ماجه، وكذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم، قد صدق كلاما قاله الشيطان لما وكل أبا هريرة رضى الله عنه.

 

بحفظ بيت المال وجاء الشيطان بهيئة رجل يحثو منه، فألقى أبو هريرة رضى الله عنه، القبض عليه في أول ليلة وثاني ليلة وثالث ليلة وفي النهاية قال له إني أعلمك آية إذا قلتها قبل النوم حفظك الله لا يقربك شيطان، قال إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية ” الله لا إله إلا هو الحى القيوم ” وقال لي، لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح “رواه البخاري، وكان أبو هريرة رضى الله عنه، حريص على الخير، فقد أطلق الرجل لأجل هذه الفائدة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم “أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟ قال لا، قال صلى الله عليه وسلم فذاك شيطان” رواه البخاري، إذن، قد يصدق الكذوب، فإذا قال صدقا فإننا نقبله ولا نقول لا، لأنهم يكذبون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى