مقال

الخليفة الأموي مروان بن محمد “جزء 4”

الخليفة الأموي مروان بن محمد “جزء 4”

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع الخليفة الأموي مروان بن محمد، وقد حل مؤتمر الجابية مشكلة عظيمة ألا وهي الخلافة بين بني أمية، ولكن لم يكن تثبيت هذا الأمر سهلا فما زالت تعترضه صعوبات كبيرة، فالضحاك بن قيس زعيم الجناح القيسي المناصر لابن الزبير قد ذهب إلى مرج راهط وانضم إليه النعمان بن بشير الأنصاري والي حمص، وزفر بن الحارث الكلابي أمير قنسرين، وكان واضحا أنهم يستعدون لمواجهة الأمويين، فكان على مروان أن يثبت أنه أهل للمسئولية وحمل أعباء الخلافة، وقد حقق أنصار مروان أول نجاح لهم بالاستيلاء على دمشق وطرد عامل الضحاك عنها، ثم عبأ مروان أنصاره من قبائل اليمن في الشام وهم كلب وغسان والسكاسك والسكون وجعل على ميمنته عمرو بن سعيد، وعلى ميسرته عبيد الله بن زياد واتجه إلى مرج راهط.

 

وهى دمشق القديمة فدارت المعركة الشهيرة التي حسمت الموقف في الشام لبني أمية ومروان حيث هُزم القيسيون أنصار بن الزبير، وتم قتل زعيمهم الضحاك بن قيس، وعدد من أشرافهم واستمرت المعركة حوالي عشرين يوما وكانت في نهاية سنة أربعة وستين من الهجرة، وقيل في المحرم سنة خمسة وستين من الهجرة، وبعد أن استقرت الأمور لمروان في بلاد الشام، توجه نحو مصر لاستردادها من عامل ابن الزبير عبد الرحمن بن جحدم، وعندما علم ابن جحدم بقدوم مروان بدأ يستعد لقتاله فحفر خندقا حول الفسطاط، فنزل مروان في عين شمس، فاضطر ابن جحدم إلى الخروج إليه فتحاربا فترة، ثم رأيا أن يتهادنا ويتصالحا حقنا للدماء فاصطلحا على أن يُقر مروان ابن جحدم على حكم مصر.

 

وبن جحدم هو، عبد الرحمن بن عتبة ابن إياس بن الحارث بن عبد أسد بن جحدم بن عمرو ابن عائش بن ضرب بن الحارث بن فهر، وقد تولى إمارة مصر من قبل عبد الله بن الزبير فدخلها في شعبان سنة أربع وستين هجرية، فأقر عابس بن سعيد على الشرط والقضاء، وقدم ابن جحدم بجمع كثير من الخوارج الذين كانوا مع ابن الزبير فى مكة، من أهل مصر وغيرهم، وكان فيهم حوشب بن يزيد، وأبو الورد حجر بن عمرو، وغيرهم، فأظهروا التحكيم ودعوا إليه، فاستعظم الجند ذلك، وبايعه الناس على غل في قلوب ناس من شيعة بني أمية، وكان منهم كريب بن أبرهة الأصبحي، ومقسم بن بجرة التجيبي، وزياد بن حناطة التجيبي، وعابس بن سعيد، وغيرهم.

 

ثم بويع مروان بن الحكم فى الشام في ذي القعدة سنة أربعة وستين هجرية، وكانت شيعته من أهل مصر دعوه إليها، وهم في العلانية مع ابن جحدم، وسار مروان إلى مصر ومعه خالد بن يزيد بن معاوية، وعمرو بن سعيد، وعبد الرحمن بن الحكم، وزفر بن الحارث، وحسان بن بحدل، ومالك بن هبيرة السكوني، في أشراف كثير، وبعث ابنه عبد العزيز في جيش إلى أيلة، ورجا أن يدخل مصر من تلك الناحية، وأجمع ابن جحدم على حربه ومنعه، فأشار عليه الجند بحفر خندق يُخندق به على الفسطاط، وقد دخل مروان مصر في غرة جمادى الأولى سنة خمسة وستين من الهجره، وسرعان ما تحرر مروان من عهده لابن جحدم، فعزله وفتح خزانته وأعطى الناس فسارعوا إلى بيعته.

 

وأقام مروان بن الحكم في مصر نحو شهرين ثم غادرها في أول رجب سنة خمسة وستين من الهجره، بعد أن وطد أمورها وأعادها ثانية للحكم الأموي، كما ولى عليها ابنه عبد العزيز وزوده بالنصائح المهمة، ثم قفل راجعا إلى بلاد الشام، وكان مروان بن الحكم قد بعث عبيد الله بن زياد على رأس جيش ليقاتل زفر بن الحارث الذي كان عاملا لابن الزبير على قنسرين، ثم هرب من مروان إلى قرقيسيا، وطلب مروان من ابن زياد أن يقتل زفر، ووعد ابن زياد أن يستعمله على كل ما يفتحه، وأمره إذا فرغ من زفر أن يتوجه إلى العراق لينتزعها من ولاة عبد الله بن الزبير، وفي طريق ابن زياد إلى قرقيسيا علم بوفاة مروان وتولية ابنه عبد الملك الخلافة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى