مقال

القائد الفاتح موسي بن نصير ” جزء 2″

القائد الفاتح موسي بن نصير ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع القائد الفاتح موسي بن نصير، وانتشرت جيوش القائد موسى بن نصير في شرق المغرب وشماله تفتح كل ما يصادفها من الحصون المنيعة، حتى أخضع القبائل التي لم تكن قد خضعت بعد للمسلمين، حتى استقر الأمر للمسلمين في بلاد المغرب، بدأ يتطلع إلى فتح بلاد الأندلس، وهكذا المسلم العالم العامل، تجده لا تحده الآمال ولا توقفه الظنون، ولا يعلم للمستحيل دليلا، يعمل بقوله تعالى “فإذا فرغت فانصب” فشيد الأسطول، حتى نزل مولاه طارق بن زياد، قائد جيش موسى بن نصير، أرض الأندلس، وبعد عدة معارك فتح الجزيرة الخضراء، وعندما علم الإمبراطور لذريق بنزول المسلمين في إسبانيا من بتشو حاكم إحدى المقاطعات الجنوبية، الذي بعث إليه يقول “أيها الملك، إنه قد نزل بأرضنا قوم لا ندري أمن السماء أم من الأرض.

 

فالنجدة النجدة، والعودة على عجل” ولما خشي القائد موسى بن نصير على جيش طارق بن زياد، عبر إليه على رأس حملة كبيرة، ولما لاقاه عاتبه، ثم عفا عنه، وأخذا القائدان يُتمان فتح الأندلس، ولما تمادى في سيره في الأندلس، أتى أرضا تميد بأهلها، وبدأ موسى بن نصير بإرسال الطلائع إلى الجزر القريبة، ففتحت مايوركا ومينورقة، ثم استأذن الخليفة بغزو بلاد الأندلس التي ترزح تحت حكم مملكة القوط الباغية التي يعاني أهلها من سوء وفساد حكامها وتسلطهم، فحذره الخليفة من مخاطر خوض البحر قبل اختبار البلاد وطبيعتها واستخبار أحوالها، ثم قرر موسى بن نصر أن يبدأ بفتح الأندلس بعد دعم وتشجيع من يوليان ملك مدينة سبتة الخاضعة للقوط، والذي كان على خلاف مع ملك القوط رودريك، فأرسل موسى بن نصير كتيبة مع القائد طريف بن مالك.

 

فعاد من أحد الجزر بغنائم عظيمة، ثم دفع موسى بجيش كبير قوامه سبعة آلاف مقاتل بقيادة طارق بن زياد، وحشد ملك القوط آلاف المقاتلين، فلما علم طارق بن زياد بجموع القوط سارع بطلب المدد، فأمدّه موسى بن نصير بخمسة آلاف، فانتصر المسلمون انتصارا عظيما عند وادي لكة، وفر رودريك، ليبدأ بعدها طارق بن زياد زحفه باتجاه مدن الأندلس، ففُتحت قرطبة وألبيرية وغيرها، ثم توقف طارق بأمر من موسى بن نصير الذي خشي على الجيش في الأندلس، وخرج بنفسه مع جيش كبير إلى الأندلس، ففتح إشبيلية وشذونة وقرمونة وغيرها من المدن، ثم التقى بطارق وأكملا معا فتح باقي المدن، وعمل موسى بن نصير على تنظيم شؤون البلاد إداريا وماليا، وولى على المدن أمراء ثقات يقومون على تنفيذ تعاليم الإسلام في عدم التعرض بالإساءة إلى سكان المدن المستأمنة.

 

مع الحرص على تقديم أفضل صورة عن سماحة المسلمين وتواضعهم، وهو الأمر الذي سمعه مسبقا أهل الأندلس عن المسلمين، وهو ما دفع أعدادا كبيرة منهم للإقبال على اعتناق الإسلام، وبذلك استطاعت إدارة موسى بن نصير الحكيمة أن تضع حجر الأساس للحضارة الإسلامية في الأندلس والتي ستستمر بعد ذلك لمئات السنين، ثم توقف موسى بن نصير عن متابعة الفتح عندما أتته دعوة الخليفة الوليد بن عبد الملك الذي توفي بعد أيام قليلة من وصول موسى بن نصير إلى دمشق، لكن الخليفة سليمان بن عبد الملك الذي تولى الخلافة بعد الوليد لم يكرم موسى بن نصير كما فعل سلفه، بل يقال أنه أساء معاملته، ثم اجتباه وقرّبه من مجلسه، فرافقه موسى بن نصير في رحلة الحج سنة سبعة وتسعين من الهجرة، وفي الطريق إلى مكة فارق موسى بن نصير الحياة، فمنهم من قال أنه توفي في الظهران، وهناك من قال كانت وفاته في المدينة المنورة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى