مقال

الدكرورى يكتب عن القائد عكرمة بن أبي جهل ” جزء 2″

الدكرورى يكتب عن القائد عكرمة بن أبي جهل ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع القائد عكرمة بن أبي جهل، فقال عكرمة رضيت يا رسول الله، لا أدع نفقة كنت أنفقها في صد عن سبيل الله إلا أنفقت ضعفها في سبيل الله، ولا قتالا كنت أقاتل في صد عن سبيل الله إلا أبليت ضعفه في سبيل الله، ثم اجتهد في القتال حتى قتِل شهيدا، أي في يوم اليرموك وبعد أن أسلم رد رسول الله صلى الله عليه وسلم، امرأته له بذلك النكاح الأول، ومنذ إسلامه، حاول أن يعوض ما فاته من الخير، فقد أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال “يا رسول الله، والله لا أترك مقاما قمته لأصدّ به عن سبيل الله إلا قمت مثله في سبيله، ولا أترك نفقة أنفقتها لأصد بها عن سبيل الله إلا أنفقت مثلها في سبيل الله” وظهرت ملامح بطولته وسماته القيادية في حروب الردة، فقد استعمله أبو بكر الصديق رضى الله عنه على جيش وسيّره إلى أهل عُمان.

 

وكانوا ارتدوا فظهر عليهم، ثم وجّهه أبو بكر الصديق رضى الله عنهم، أيضا إلى اليمن، فلما فرغ من قتال أهل الرّدة سار إلى الشام مجاهدا أيام أبي بكر الصديق مع جيوش المسلمين، فلما عسكروا بالجرف على ميلين من المدينة، خرج أبو بكر الصديق يطوف في معسكرهم، فبصر بخباء عظيم حوله ثمانية أفراس ورماح وعدة ظاهرة، فانتهى إليه فإذا بخباء عكرمة، فسلم عليه أبو بكر وجزاه خيرا، وعرض عليه المعونة، فقال “لا حاجة لي فيها، معي ألفا دينار” فدعا له بخير، فسار إلى الشام واستشهد، ويقال انهم جرحوا يوم اليرموك، فدعا الحارث بن هشام بماء ليشربه، فنظر إليه عكرمة، فقال الحارث، ادفعوه إلى عكرمة، فلما أخذه عكرمة، نظر إليه عياش، فقال عكرمة ادفعوه إلى عياش، فما وصل إلى عياش ولا إلى أحد منهم حتى ماتوا جميعا وما ذاقوه.

 

وحينما قدم عكرمة ليعلن إسلامه وثب النبي صلي الله عليه وسلم إليه دون رداء مستقبلا له ، فرحا بقدومه، وقال له “مرحبا بالراكب المهاجر” ولعل الحبيب عانقه، فأزال ما على قلبه من ركام الجاهلية ولا شك أن لهذه المواقف العظيمة وغيرها من رسول الله صلي الله عليه وسلم أعظم الأثر في نفس هذا الصحابي العظيم، وفي الكلام حول الصحابي الجليل عكرمة بن أبي جهل فيحسُن حينئذ بيان موقف المسلم حول ما جرى من أحداث حول الفتنة، فأهل السنَّة يعتقدون أنّ الواجب السكوت وعدم الخوض في الفتن التي جرت بين الصحابة رضي الله عنهم، وذلك بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، ويقرّون أن فتنة الجمل قد جرت من غير اختيار من الإمام علي بن أبي طالب، ولا من الزبير بن العوام، ولا من طلحة بن عبيدالله رضي الله عنهم.

 

وأن السيدة عائشة رضي الله عنها خرجت للإصلاح بين المسلمين، ويعتقدون أنهم جميعا من الذين بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، فتحول قلب عكرمة بن أبي جهل من قلب رجل مبغض حقود للإسلام والمسلمين إلى قلب رجل لا يحب في الدنيا أكثر من هذا الدين الذي لطالما حاربه، فقرر عكرمة أن يتحول إلى جندي ينشر هذا الدين الذي لطالما حاربه، فلم يترك عكرمة بن أبي جهل بعد إسلامه غزوة مع رسول الله صلي الله عليه وسلم إلا وشارك فيها، وفي عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه أصبح عكرمة قائدا لجيش من جيوش الإسلام العظيمة التي حاربت الردة، قبل أن يتحول إلى قائد عظيم من قادة المسلمين في بلاد الشام، وفي قصة إسلام عكرمة رضي الله عنه بيان لحكمة النبي صلى الله عليه وسلم، وسمو خلقه ورحمته وسماحته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى