مقال

الدكروري يكتب عن فاتح المشرق الإسلامي قتيبة بن مسلم “جزء 2”

الدكروري يكتب عن فاتح المشرق الإسلامي قتيبة بن مسلم “جزء 2”

بقلم / محمــــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع فاتح المشرق الإسلامي قتيبة بن مسلم، وكانت المرحلة الثالثة، وقد استمرت من سنة واحد وتسعين حتى سنة ثلاثه وتسعين هجرية، وفيها تمكن قتيبة من نشر الإسلام وتثبيته في وادى نهر جيحون كله، وأتم فتح إقليم سجستان في إيران الآن، وإقليم خوارزم، وهو يوجد الآن بين دول إيران وپاكستان وأفغانستان، ووصلت فتوحاته إلى مدينة سمرقند في قلب آسيا وضمها إلى دولة الإسلام نهائيا، وكانت المرحلة الرابعة، وقد امتدت من سنة أربعة وتسعين حتى سته وتسعين هجرية، وفيها أتم قتيبة فتح حوض نهر سيحون بما فيه من مدن، ثم دخل أرض الصين وأوغل فيها ووصل مدينة كاشغر وجعلها قاعدة إسلامية وكان هذا آخر ما وصلت إليه جيوش الإسلام في آسيا شرقا ولم يصل أحد من المسلمين أبعد من ذلك قط.

 

وعندما قام المسلمون الأوائل بحركة الفتح الإسلامى في الشرق كان هناك نوعان من الأجناس البشرية، القبائل الساسانية أو الفارسية والقبائل التركية، وكان نهر المرغاب هو الحد الفاصل بين هؤلاء وهؤلاء، وقد تم إدخال القبائل الفارسية في الإسلام في عهد الخلفاء الراشدين، أما القبائل التركية فقد كانت أكبر عددا وأوسع انتشارا منهم الأتراك الغزية والأتراك القراخطاى والأتراك القوقازيين والأتراك الأيجور والأتراك البلغار والأتراك المغول، ويقال أن الأمير قتيبة بن مسلم هو صاحب الفضل الأول بعد الله عز وجل في إدخال الأتراك شرقى نهر المرغاب وفى بلاد ما وراء النهر في الإسلام، فقد سحرت شخصيته العسكرية الأتراك، فدخلوا في دين الله أفواجا حبا في بطولات وشجاعة هذا البطل الجسور الذى رأى فيه الأتراك الرمز الحقيقى للفضيلة.

 

والشجاعة والرجولة، ومعانى الإسلام النقية المتجسدة في شخصه، وكان دخول هؤلاء في دين الإسلام من أكبر الفتوحات والانتصارات التى حققها المسلمون وكان لهم أعظم الأدوار في نشر الدعوة في قارة آسيا كلها، فكان من قبائل الأتراك الغزية مثلا السلاجقة العظام والعثمانيون الأبطال والأوزبك الشجعان والمماليك قادة العالم وهؤلاء أدوا خدمات جليلة لا تنسى في خدمة الإسلام، فهكذا كان قتيبة بن مسلم بن عمرو بن حصين بن ربيعة الباهلي، والذى يعود أصله إلى قبيلة باهلة التي كانت من القبائل المهانة عند العرب قبل مجيء الإسلام، ويُعد قتيبة بن مسلم الباهلي من أبطال المسلمين، الذين ساهموا في نشر الإسلام شرقا، حيث أدخل الإسلام إلى الصين ونشره فيها، وذلك الأمر الذي أدى إلى تسميته فاتح الشرق الإسلامي.

 

وقد أسلم على يديه العديد إعجابا بشجاعته وجهاده، وقيل أنه لم يهزم أو يفر من أي معركة، فهو كبير المجاهدين، وفاتح الشرق، وعملاق الفتوح، وقد ولد قتيبة بن مسلم سنة ثماني وأربعين من الهجره في العراق، وقد كان والده مسلم بن عمرو من أصحاب مصعب بن الزبير والي العراق، فى ذلك الوقت، وكان قتيبة بن مسلم من الأبطال ذوي الحزم والدهاء والرأي، وكان ذا بأس وشدة، عالي الهمة جريء اللسان، وله رواية عن عمران بن حصين، وأبي سعيد الخدري، وقال عنه ابن كثير في كتابه، البداية والنهاية، إنه ما انكسرت له راية، وكان من المجاهدين في سبيل الله واجتمع له من العسكر ما لم يجتمع لغيره، ويذكر أيضا ابن كثير أن قتيبة من سادات الأمراء وخيارهم، وكان من القادة النجباء الكبراء، وذوي الحروب والفتوحات، والآراء الحميدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى