مقال

الدكروري يكتب عن معركة اليرموك “جزء 4”

الدكروري يكتب عن معركة اليرموك “جزء 4”

بقلم / محمـــد الدكــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع معركة اليرموك، وفي اليوم الخامس لم يحدث الشيء الكثير بعد رفض خالد ” هدنة ثلاثة أيام ” التي عرضها الروم بقوله المشهور لرسول الروم ” نحن مستعجلون لإنهاء عملنا هذا” وفي اليوم السادس تحولت إستراتيجية خالد من الدفاع إلى الهجوم، وتمكن بعبقريته الفذة من شن الهجوم المجازف على الروم واستخدام الأسلوب العسكري الفريد من نوعه آنذاك وهو الإستفادة الصحيحة من إمكانيات ” سرية الفرسان سريعة التنقل ” ليحول الهزيمة الموشكة للمسلمين إلى نصر مؤزر لهم، وقاتلت نساء المسلمين من خلف الجيوش في معسكرات المسلمين الخلفية في هذه المعركة، وقتلن عددا كبيرا من الروم وقتلت خولة بنت الأزور على سبيل المثال، وكن يضربن من انهزم من المسلمين بالحجارة ويزجرنهم، وفق تعليمات خالد عند قدومة.

 

وتنظيمه لجيش المسلمين، ويصرخن فى وجههم حتى يرجعن الى المعركه، وعندئذ يرجع المنهزمون، وقد تكرر ذلك في كل يوم من أيام المعركة، حتى قيل أن بعض المقاتلين عندما كانوا يهمون بالفرار إلى الخلف كانوا يقولون “مواجهة الروم ولا مواجهة نسائنا” وبعدها يكر المسلمون لشن الهجوم المعاكس، وكان عمرو بن العاص من المنهزمين ومعه أربعة نفر حتى بلغوا النساء، فلما زجرنهم رجعوا إلى القتال، ويقال أن أحد كبار أمراء الروم وكان يدعى “جورج” وهو على الأرجح الأمير جرجة بن بوذيها، كان قد خرج يطلب خالد بن الوليد فخرج له خالد متأهبا للقتال وبدأ يسير بحركة دائرية مواجهاً الأمير الرومي متأهبا للمبارزة، ولكن “جورج” بدأه بالكلام وقال أنه يريد أولا أن يسأله بعض الأسئلة ليجيبه بصراحة ، فالحر لايكذب، كما قال.

 

فسأله بعض الأسئلة مثل “لماذا سماه نبي الإسلام” سيف الله المسلول على المشركين، وفيما إذا كان الله قد أرسل سيفا قلده الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لخالد، فأجابه خالد على ذلك وعلى أسئلة عديدة، مثلا إذا أسلم المرء اليوم ما موقعه بين المسلمين وأجاب خالد أن المسلمين سواسية، لا فرق بين المسلم قديما والمسلم حديثا وهم جميعا أخوة، فما كان من “جورج” هذا إلا أن اعتنق الإسلام وصحبه خالد إلى خيمته ليصلي مع المسلم “جورج” ركعتان، وحارب مع المسلمين وقتل في تلك المعركة شهيدا، ويقول ابن جرير الطبري رحمه الله تطرق للحوار قائلا وخرج جرجة حتى كان بين الصفين ونادى ليخرج إلي خالد فخرج إليه خالد وأقام أبا عبيدة مكانه، فوافقه بين الصفين حتى اختلفت أعناق دابتيهما وقد أمن أحدهما صاحبه، فقال جرجة يا خالد.

 

أصدقني ولا تكذبني فإن الحر لا يكذب ولا تخادعني فإن الكريم لا يخادع المسترسل بالله، هل أنزل الله على نبيكم سيفا من السماء فأعطاه لك فلا تسله على قوم إلا هزمتهم؟ وخالد رضي الله عنه رد علي القائد الرومي لا، قال جرجة فبم سُميت سيف الله ؟ قال خالد رضي الله عنه إن الله عزوجل بعث فينا نبيه فدعانا فنفرنا عنه ونأينا عنه جميعا، ثم إن بعضنا صدقه وتابعه وبعضنا باعده وكذبه، ومضي خالد بن الوليد في حوار مع القائد الرومي قائلا فكنت فيمن كذبه وباعده وقاتله، ثم إن الله أخذ بقلوبنا ونواصينا فهدانا به فتابعناه، فقال صلى الله عليه وسلم ” أنت سيف من سيوف الله سله الله على المشركين ” ودعا لي بالنصر فسميت سيف الله، بذلك فأنا من أشد المسلمين على المشركين، وأثار كلام خالد بن الوليد ارتياح القائد الرومي الذي رد بقوله صدقتني.

 

ثم أعاد عليه جرجة تساؤلاته، يا خالد أخبرني إلي ما تدعوني ؟ قال خالد رضي الله عنه إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله والإقرار بما جاء به من عند الله، فقال جرجة فمن لم يجبكم ؟ فقال خالد رضي الله عنه فالجزية ونمنعهم، فالقائد الرومي استفسر من نظيره المسلم فإن لم يعطها ؟ قال خالد رضي الله عنه نؤذنه بحرب ثم نقاتل، فقال جرجة فما منزلة الذي يدخل فيكم ويجيبكم إلى هذا الأمر اليوم؟ قال خالد رضي الله عنه منزلتنا واحدة فيما افترض الله علينا شريفنا ووضيعنا وأولنا وآخرنا، ثم أعاد عليه جرجة هل لمن دخل فيكم اليوم يا خالد مثل مالكم من الأجر والذخر ؟ فقال خالد نعم وأفضل، قال جرجة وكيف يساويكم وقد سبقتموه ؟ قال خالد رضي الله عنه إنا دخلنا في هذا الأمر، وبايعنا نبينا وهو حي بين أظهرنا، تأتيه أخبار السماء ويخبرنا بالكتب، ويرينا الآيات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى