مقال

الدكرورى يكتب عن موقعة الجمل ” جزء 3″

الدكرورى يكتب عن موقعة الجمل ” جزء 3″

بقلم / محمــــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع موقعة الجمل، فلم يكن الإمام قادرا على تنفيذ القصاص في قتلة عثمان لعدم علمه بأعيانهم، ولاختلاط الثوار والسبئية بجيشه، مع كثرتهم واستعدادهم للقتال، وقد بلغ عددهم ألفي مقاتل كما في بعض الروايات، كما أن بعضهم ترك المدينة إلى الأمصار عقب بيعة الإمام علي، وأخذ البيعة من أهالي الأمصار وعزل الولاة وتعيين ولاة جدد، لأنه عندما تولى الإمام علي الخلافة أمر بعزل جميع الولاة الذين عينهم الخليفة عثمان بن عفان ومنهم معاوية بن أبي سفيان، نظرا لأن مثيري الفتنة اعتمدوا على اذكاء سخط الناس على بعض الولاة واتهموهم بالظلم والعمل للمصالح الشخصية على حساب مصالح الناس واتهموهم بعدم الحفاظ على سنة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فأراد الإمام علي بذلك ألا يجعل لهم حجة.

 

وبعد أن أوشك الطرفان أن يصلا إلى موقف موحد بعد حديث القعقاع مع السيدة عائشة وطلحة والزبير وبعد أن ذهب علي رضي الله عنه بمن معه من القوم إلى السيدة عائشة رضي الله عنها ومن معها، وجاء الليل، وبات الفريقان خير ليلة مرت على المسلمين منذ أمد بعيد، ونام أهل الفتنة في شر ليلة يفكرون كيف سيتخلصون من هذا الصلح الذي سيكون ثمنه هو رقابهم جميعا، وخططوا من جديد لإحداث الفتنة، وفي هذا الوقت أشار بعض الناس على طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوّام رضي الله عنهما أن الفرصة سانحة لقتل قتلة عثمان بن عفان رضي الله عنه وذلك لأن الغمام علي رضي الله عنه عندما توجه للصلح مع القوم قال لا يصحبنا أحدا شارك، أو أعان على قتل عثمان بن عفان، فانسلخ من قتل، ومن شارك، وتقدم بقية الجيش للبصرة.

 

فأصبح أهل الفتنة بعزلة عن جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فرفض طلحة والزبير رضي الله عنهما، وقالا إن الإمام علي أمر بالتسكين ، فمن الواضح أن لديهم قناعة تامة بالصلح والأخذ برأي علي رضي الله عنه، واجتمع قتلة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وتشاوروا في الأمر، فقال بعضهم قد عرفنا رأي طلحة والزبير فينا، وأما رأي علي فلم نعرفه إلى اليوم، فإن كان قد اصطلح معهم، فإنما اصطلحوا على دمائنا، فإن كان الأمر هكذا ألحقنا عليا بعثمان، فهم يريدون هنا قتل علي رضي الله عنه أيضا، وهذا مما يدل بشكل قاطع أن الإمام علي رضي الله عنه لم يكن له أي تعاون مع هؤلاء القتلة، فها هم يريدون قتله، حتى تظل الفتنة دائرة، فقام عبد الله بن سبأ وقال لو قتلتموه لاجتمعوا عليكم فقتلوكم، وهذه الفئة كما نرى إنما هم أهل فتنة.

 

ويطلبون الحياة الدنيا، أما جنود الإمام علي رضي الله عنه، ومن مع السيدة عائشة رضي الله عنه، إنما يريدون الآخرة، وإرضاء الله تعالى، والجنة، ويظنون أنهم على الحق، ويجاهدون في سبيل الله، ويحتسبون أنفسهم شهداء في سبيل الله إن قتلوا في ميدان الحرب، فقال أحد الناس دعوهم وارجعوا بنا حتى نتعلق ببعض البلاد فنمتنع بها، أي يرجع كل إلى قبيلته، ويحتمي بها، فرفض عبد الله بن سبأ هذا الرأي أيضا وقال لو تمكّن علي بن أبي طالب من الأمور لجمعكم بعد ذلك من كل الأمصار وقتلكم، وكان عبد الله بن سبأ معهم كالشيطان يرتب لهم الأمور حتى يتم اختيار الرأي الصائب من وجهة نظرهم فأشار على مَن معه من أهل الفتنة في تلك الليلة التي كان المسلمون سيعقدون الصلح في صبيحتها أن تتوجه فئة منهم إلى جيش الكوفة.

 

وفئة أخرى إلى جيش البصرة، وتبدأ كل فئة منهما في القتل في الناس، وهم نيام، ثم يصيح من ذهبوا إلى جيش الكوفة ويقولون هجم علينا جيش البصرة، ويصيح من ذهب إلى جيش البصرة ويقولون هجم علينا جيش الكوفة وقبيل الفجر انقسم أهل الفتنة بالفعل إلى فريقين، ونفذوا ما تم الاتفاق عليه، وقتلوا مجموعة كبيرة من الفريقين، وصاحوا، وصرخوا أن كل من الفريقين البصرة، والكوفة قد هجم على الآخر، وفزع الناس من نومهم إلى سيوفهم وليس لديهم شك أن الفريق الآخر قد غدر بهم، ونقض ما اتفق عليه من وجوب الصلح، ولم يكن هناك أي فرصة للتثبت من الأمر في ظلام الليل وقد عملت السيوف فيهم، وكثر القتل، والجراح، فكان هَمّ كل فريق هو الدفاع عن نفسه، وكان أبو سلام الدالاني قد قام إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في تلك الليلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى