مقال

الدكرورى يكتب عن فضائل شهر شعبان ” جزء 10″

الدكرورى يكتب عن فضائل شهر شعبان ” جزء 10″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء العاشر مع فضائل شهر شعبان، ومنها بشكل مفصل هو جمع الإمام ابن رجب بين تخصيص الرسول صلى الله عليه وسلم شهري شعبان ومحرم في الصيام فقال رغم أن البعض من الشافعية وغيرهم ذهبوا إلى القول بأفضلية الصيام في شهر محرم وباقي الأشهر الحرم على شهر شعبان، إلا أن الأظهر أن الصيام في شعبان أفضل من الصيام في شهر محرم، كما بيّن ابن رجب رحمه الله، بين تفضيل صيام نبى الله داود عليه السلام، وصيام شعبان وصيام يومي الاثنين والخميس، فقال بأن الرسول صلى الله عليه وسلم بيّن أن صفة صيام نبى الله داود عليه السلام كانت لنصف الدهر فقط، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يفرّق بين أيام صيامه تحريّا للأوقات والأيام الفاضلة، وقد حفل شهر شعبان بالعديد من الأحداث التاريخية المهمة المتعلقة بالمسلمين.

 

ففيه أمر الله تعالى المسلمين بالجهاد في سبيله، وأوجبه عليهم، وألزمهم به، كما حولت القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام في شهر شعبان، بعد أن صلت جموع المسلمين إلى جهة بيت المقدس، وأحدث ذلك العديد من التساؤلات خاصة أن تحويل القبلة كان بعد الأمر بالجهاد، ومن الأحداث الواقعة في شعبان غزوة بني المصطلق التي انهزم فيها المنافقون، وانكشفت خدعهم ومخططاتهم، إضافة إلى ما سبق فقد وقعت غزوة بدر الصغرى أيضا في شعبان التى لم يحصل فيها قتال بين المسلمين والكفار، وبلغ عدد المسلمين فيها ألفا وخمسمائة مقاتلا، ومن الجدير بالذكر أن بعض الناس يعتقدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بيّن سبب تسمية شعبان، ويستدلون على ذلك بما رُوي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال “إِنما سمي شعبان، لأنه يتشعب فيه خير كثير للصائم فيه حتى يدخل الجنة”

 

وفي الحقيقة أن هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بيّن العلماء أنه حديث موضوع، ولقد فضّل الله تعالى بعض الأزمنة، وميّزها على غيرها بالعديد من الخصائص، ومن الأمثلة على الأوقات الفاضلة هو شهر رمضان، والعشر الأواخر، وليلة القدر، مصداقا لما رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ” من صام رمضان إيمانا وإحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا وإحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” وأيضا العشر الأوائل من ذي الحجة، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما العمل فى أيام أفضل منها فى هذه” ويعني الأيام العشر، قالوا ولا الجهاد يا رسول الله؟ قَال صلى الله عليه وسلم “ولا الجهاد، إلا رجل يخج يخاط بنفسه وماله، فلم يرجع بشئ” وإن من أعظم الأزمنة هو شهر شعبان.

 

ومن فضائله هو كثرة صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيه، ورفع الأعمال إلى الله تعالى حيث إن أعمال العباد ترفع إلى ربهم عز وجل في يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع، وترفع في شهر شعبان من كل عام، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر الصيام فيه، ويرجع السبب في رغبة النبى الكريم صلى الله عليه وسلم في أن ترفع أعماله إلى الله تعالى وهو صائم إلى لأن الصوم من الصبر، وقد قال الله تعالى ” إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب” وأيضا يوجد فيه ليلة عظيمة فقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن في شهر شعبان ليلة عظيمة وهي ليلة النصف من شعبان، وإن في شهر شعبان هناك العديد من البدع والمكروهات التي تحدث في شهر شعبان استنادا لأحاديث منكرة أو ضعيفة، ويمكن بيان بعضها وهى صلاة ست ركعات في ليلة النصف من شعبان.

 

وهى من البدع والمحدثات المخالفة لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن صلاة ست ركعات في ليلة النصف من شعبان بقصد دفع المصائب، وطول العمر، والاستثناء عن الناس، والدعاء وقراءة سورة يس، وقد بيّن الإمام النووي رحمه الله، أن ما يُسمى بصلاة الرغائب في شهر رجب وصلاة شعبان بدعتان قبيحتان، وقال الإمام الغزالي في كتابه الأحياء “وهذه الصلاة مشهورة في كتب المتأخرين التي لم أرى لها ولا لدعائها مستندا صحيحا من السنة إلاَ أنه من عمل المبتدعة” وبناء عليه يكره الاجتماع لإحياء مثل هذه الليلة في المسجد أو في غيره، وأيضا الاعتقاد بأن ليلة النصف من شعبان هي ليلة القدر، حيث يعتقد البعض أن ليلة النصف من شعبان هي ليلة القدر، وفي الحقيقة أن هذا اعتقاد باطل، فقد قال الله تعالى ” شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن”

 

وقال تعالى ” إنا أنزلناه فى ليلة القدر” وبناء على ذلك فإن ليلة القدر في رمضان، وليست في شعبان، وقد ظهرت هذه البدعة في عام ربعمائة وثمانى وأربعين من الهجرة النبوية الشريفة، حيث قدم للمسجد الأقصى رجل من مدينة نابلس يُدعى بابن أبي الحميراء، وكان حسن الصوت، فقام يصلي في ليلة النصف من شعبان فلحق به رجل، ثم الآخر، ثم تكاثر المصلون، وما أن ختم الصلاة إلا وخلفة جماعة كبيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى