مقال

الدكرورى يكتب عن مفهوم الأم في الإسلام ” جزء 1″

جريدة الاضواء

الدكرورى يكتب عن مفهوم الأم في الإسلام ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

إن الأم علي مر العصور والدهور والأيام هي البطلة الصامدة، المخلصة المجاهدة، نبع الحنان والشفقة، ووعاء الرحمة والرأفة، أوفى صديق، وأنصح رفيق، فإنها هي مَن قامت لك بدور الممرض والطبيب، والمربى والمعلم، جندية حيث لا جند ولا قتال، حارسة ساهرة حيث لا ثغور، مخلصة في عملها ولا يخلص في البشر مثلها أحد، تجهد بدنها وقلبها ليلا ونهارا، وليس لها راتب يصرف آخر الشهر، التي اهتم الشرع الحنيف بها، وحثَنا على حسن معاملتها والإخلاص في برها، إنها الأم، ويقال إن الأم ليست فقط من تنجب الأطفال، بل هي أيضا من تربيهم، وهذا الكلام صحيح لا شك فالأم في الأصل هي الأنثى التي تلد الأبناء ثم ترضعهم وتربيهم، وتبقى تحبهم وتحنو عليهم ما دامت الروح تسرى في عروقها.

وأيضا يمكن أن تعد من الأمهات المرأة التي تربى أبناء ليسوا من صلبها، ولذلك فقد كان لها مكانة عالية فى الإسلام وخصها رب العالمين سبحانه وتعالى بثناء كبير في القرآن الكريم إذ قال ” ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن” وقوله تعالى ” ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها” فإن الأم هى كائن رقيق المشاعر حنون حساس يرى في أبنائه الجانب الطهر ويغض الطرف عما سوى ذلك، يدافع عن ابنه ويحميه إن أصاب وإن أخطأ، فهي العطوف الوديعة الرؤوم مع أبنائها، والتي تصير وحشا كاسرا إن مس أولادها سوء، أو داهمهم خطر ما، وهى الصدر الذي يتسع لكل أبنائها، وهى التي لا يفيها الابن حقها ولو اجتهد، هي مفتاح العبور إلى الجنة، إذ الطريق يمر من تحت قدميها.

وهى التى تعطي أبناءها إحساسهم بقيمتهم في الحياة، فلولا وجودها لما وُجدوا أساسا، وهى التى تمحو الهموم عن أبنائها إذا ما أطبقت الشدائد عليهم، فكلمة منها كفيلة بإزالة جبل من الهموم ولو كان مطبقا وجاثما على صدر ولدها، وكل مصيبة دونها تهون، تقرأ أفكار ابنها وتفهمه من نظرة، كيف لا وهي الوطن الذي ضمه قبل الولادة تسعة أشهر، ثم ضمته في قلبها إلى يوم القيامة، وقد أسهب الشعراء والأدباء وأرباب القلم في وصفها ووصف إنسانيتها وما تشتمل عليه من صادق المشاعر وعذب الأحاسيس، وإن الأم هي أنثى قد ولدت طفلا أو أكثر، والأم هي امرأة تؤدى دورا تربطها فيه علاقة أمومة بأطفالها الذين قد يكونون من نسلها البيولوجي أو قد لا يكونون كما هي الحال عند التبنى، وتعتبر النساء أمهات نتيجة للولادة، أو في حال قيامهن بتربية أطفالهن.

أو قيامهن بتوفير بويضاتهن للإخصاب، أو مزيج من كل ذلك، مثل هذه الشروط توفر وسيلة لتحديد مفهوم الأمومة، فعادة تندرج المرأة التي قامت بفعل الولادة والتى تعرضت بويضاتها للإخصاب تحت مفهومى الأم البيولوجية أو الأم الوالدة، بغض النظر عما إذا كانت سوف تقوم بتربية هذا الطفل، وعليه يمكن اعتبار المرأة التي قامت بتربية طفلها دون قيامها بفعل الولادة أو توفير بويضاتها للإخصاب، مُتبنية، أما من قامت بتوفير بويضاتها للإخصاب دون قيامها بفعل الولادة، أو تلك التي قامت بفعل الولادة دون توفير بويضاتها للإخصاب، فتعتبر أم عن طريق تأجير الأرحام، وقد تكون الام هي من أرضعت المولود لثلاث مرات أو خمس بحسب اختلاف أراء المذاهب الفقهية فى الإسلام، دون أن تقوم بفعل الولادة أو التربية، إنها الأم, وما أدراك ما الأم.

عطر يفوح شذاه, وعبير يسمو في علاه, والعيش في كنفها حياة, وعين لا تكتحل برؤيتها عقوقا وإعراضا حسرة, والبعد عنها أسى وحرمان، إنها الأم، هى قسيمة الحياة، وموطن الشكوى، وعتاد البيت، ومصدر الأنس، وأساس الهناء, يطيب الحديث بذكراها, ويسعد القلب بلقياها, حنانها فياض لا ينضب, ونبعها زلال لا يجف، الأم، لا توفيها الكلمات, ولا ترفعها العبارات, وإنما محلها سويداء القلب وكفى به مستقرا، فإن لأمك حق لو علمت كثير، كثيرك يا هذا لديه يسير، إنها الأم التي وصى بها المولى عز وجل، وجعل حقها فوق كل حق إلا حقه, وجعل شكره سبحانه مقرونا بشكرها فقال تعالى كما جاء فى سورة لقمان ” أن اشكر لى ولوالديك إلى المصير” فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مَن أَحق الناسِ بحسنِ صحابتي ؟ قال أمك، قال ثم من ؟ قال ثم أمك ” قال ثم من ؟ قال ثم أمك ” قال ثم من ؟ قال ثم أبوك” رواه مسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى