مقال

الدكرورى يكتب عن مفهوم الأم في الإسلام ” جزء 7″

جريدة الاضواء

الدكرورى يكتب عن مفهوم الأم في الإسلام ” جزء 7″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السابع مع مفهوم الأم في الإسلام، فإن كان باستطاعتك أن ترى أمك وتجلس معها كل يوم، فافعل، فإن كنت عنها بعيدا فبالاتصال، فإن ذلك من برها وإدخال السرور عليها، اعرض عليها قبل أن تطلب منك، اسألها عن حاجاتها وتفقدها، ادع الله لها، أظهِر السرور بطلبها وبقضاء أمرها، أعطها هدية بين حين وآخر، وأجزل إن كنت موسرا، علمها أمر دينها وما يرفعها عند ربها، قبِل رأسها عند السلام عليها، اصطحب أولادك لزيارتها، اقضِ حاجة بناتها وأبنائها، فإن ذلك يسرها، لا تبث همومك عندها، ففيها ما يكفيها، استشرها وأطلعها على بعض شأنك، أظهِر اهتمامك بإخوانك وأخواتك، فإن رؤيتها لترابطكم يثلج صدرها، تحدث معها في المواضيع التي تحبها هي، فيقول أحد الدعاة كانت إحدى الأمهات يظهر منها ارتياح أكثر لأحد أبنائها.

مع العلم بأنهم كلهم طيبون، فسأله عن سبب ذلك، فقال لأمي مفتاح لم يستخدمه بقية إخوتي، فقال ما هو؟ قال بسيط جدا، أتحدث معها فيما يهمها، فلان تزوج، وفلان رزق ولدا، ومرض فلان فزرته، وهكذا، أما بقية إخوتي، فغالبا يتحدثون عندها في البناء، وفي الأسهم، ونحو ذلك، ولكن اعلم أن أبواب البِر كثيرة، فاحرص على أن تلجها كلها، وافعل ذلك أيضا مع والدك، واغتنم حياتهما، فليس هناك أبلغ من كتاب الله تعالى وهو يصف لنا جزءا من معاناة أمهاتنا حال حملهن بنا وإرضاعهن لنا فيقول الله تعالى كما جاء فى سورة الأحقاف ” ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ” وفي الآية الأخرى كما جاء فى سورة لقمان ” ووصينا الإنسان بوالدية حملته أمه وهنا على وهن وفصاله فى عامين أن اشكر لى ولوالديك إلى المصير ”

وقال قتادة في معنى وهنا على وهن، أى جهدا على جهد، ويا من وارى الثرى قرة عينيه ما زال أمامك خير كثير، فكم من الناس من بره بوالديه الميتين أعظم بكثير من بر بعضهم بالأحياء، والله المستعان، أصلح حالك وأكثر من الدعاء لهما ففي صحيح مسلم مرفوعا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث، إلا من صدقة جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولد صالح يدْعو له” فتصدَّق عنهما، وصِل رحمهما وصديقهما، أنفذ عهدهما، فعند الإمام أحمد وأبي داود أن رجلا قال يا رسول الله هل بقى من بر أبويَّ شيء أبرهما به بعد وفاتهما؟ قال صلى الله عليه وسلم “نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما” فإن برَّك بوالديك عبادة عظيمة تقربك إلى مولاك.

إنها سبب للبركة والتوفيق، إنها سبب لتيسير الأمور، إنها سبب لحفظك وسلامتك، إنها من أعظم أسباب بر ذريتك لك، وعموما فهي توفيق فى الدنيا والآخرة، فإن الحديث عن بر الوالدين حديث مشوق، وفيه ذكرى للمتقين، وتنبيه للمقصرين والغافلين، فالإحسان الي الوالدين عبادة عظيمة، وقد قرنها الله تعالى مع عبادته، وهذا يدل على فضلهما العظيم، فقد جعل الله للوالدين المكانة العالية، ورفع من شأنهما، فمن الواجب علينا برهما والإحسان إليهما، وأن نترحم عليهما كما ربونا صغارا، فالأم هذه الكلمة الصغيرة ذات الحروف القليلة، ولكنها تحتوى على أكبر معاني الحب والعطاء والحنان والتضحية، الأم هى الأنهار التي لا تنضب ولا تجف ولا تتعب، متدفقة دائما بالكثير من العطف الذي لا ينتهي، وهي الصدر الحنون الذي تلقي عليه رأسك وتشكو إليه همومك ومتاعبك.

الأم هي التى تعطى ولا تنتظر أن تأخذ مقابل العطاء، وهي التى مهما حاولت أن تفعل وتقدم لها فلن تستطيع أن ترد جميلها عليك ولو بقدر ذرة صغيرة، فهي سبب وجودك على هذه الحياة، وهي سبب نجاحك، تعطيك من دمها وصحتها لتكبر وتنشأ صحيحا سليما، هي عونك في الدنيا، وهي التي تدخلك الجنة، وقد روى مسلم في صحيحه عن أبى هريرة رضى الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه” قيل من يا رسول الله قال ” من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة” فإن الأم لطيفة المعشر، تتحمل الجفوة وخشونة القول، تعفو وتصفح قبل أن يُطلب منها العفو أو الصفح، حملت جنينها في بطنها تسعة أشهر، يزيدها بنموه ضعفا، ويحمّلها فوق ما تطيق عناء، وهي ضعيفة الجسم، واهنة القوى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى