مقال

الدكرورى يكتب عن بر الأمهات ” جزء 5″

جريدة الاضواء

الدكرورى يكتب عن بر الأمهات ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع بر الأمهات، فدونك فارغب في عميم دعائها، فأنت لما تدعو إليه فقير، فاللهم وفقنا لطاعة امهاتنا وابائنا، فكم حزنت لتفرح، وجاعت لتشبع، وبكت لتضحك، وسهرت لتنام، وتحملت الصعاب في سبيل راحتك، إذا فرحت فرحت، وإن حزنت حزن، إذا داهمك الهمّ فحياتها في غمّ، أملها أن تحيى سعيدا رضيا راضيا مرضيا، فإن الام المخلوق الضعيف الذى يعطى ولا يطلب أجرا، ويبذل ولا يأمل شكرا، هل سمعت عن مخلوق يحبك أكثر من ماله؟ لا، بل أكثر من دنياه، لا، بل أكثر من نفسه التي بين جنبيه، نعم يحبك أكثر من نفسه، إنها الأم، الأم وكفى، رمز الحنان، فإن البر دأب الصالحين وسيرة العارفين، فقد أراد ابن الحسن التميمي قتل عقرب فدخلت في جحر، فأدخلها أصابعه خلفها فلدغته، فقيل له في ذلك، قال”خفت أن تخرج فتجيء إلى أمي وتلدغها”

وقال محمد بن سيرين “بلغت النخلة على عهد عثمان رضي الله عنه ألف درهم، فعمد أسامة بن زيد رضي الله عنهما إلى نخلة فاشتراها، فنقرها وأخرج جمّارها، فأطعمها أمه، فقالوا له ما يحملك على هذا وأنت ترى النخلة قد بلغت ألف درهم؟ قال إن أمي سألتني ولا تسألني شيئا أقدر عليه إلا أعطيتها” وهذا هو عبد الله بن عون نادته أمه فعلا صوته صوتها، فأعتق رقبتين، وزين العابدين كان أبر الناس بأمه، وكان لا يأكل معها في صحفة واحدة، فقيل له إنك أبرّ الناس ولسنا نراك تأكل معها في صحفة واحدة؟ فقال “أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها فأكون قد عققتها، ولقد مضى بين أيدينا أقوام لا يعلو أحدهم بيته وأمه أسفله” فإنها الجنة، يا طالب الجنة، الزم قدميها فثمّ الجنة، فقد روى الترمذ عن أبي الدرداء رضي الله عنه.

قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه” وفي صحيح الترمذي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” رضا الرب من رضا الوالد، وسخطه الرب من سخط الوالد” وقال ابن عباس رضي الله عنهما ” ما من مسلم له والدان مسلمان يصبح إليهما محتسبًا إلا فتح الله بابين يعني من الجنة وإن كان واحدا فواحد، وإن أغضب أحدهما لم يرضى الله عنه حتى يرضى عنه، قيل وإن ظلما؟ قال “وإن ظلما” وأما عن الموقف الشرعي من عيد الأم فإن الإسلام غني عما ابتدعه الآخرون سواء عيد الأم أو غيره، وفي تشريعاته من البر بالأمهات ما يغنى عن عيد الأم المبتدع، فقد قال العلماء أن العيد اسم لما يعود من الاجتماع على وجه معتاد.

إما بعود السنة أو الشهر أو الأسبوع، أو نحو ذلك فالعيد يجمع أمورا منها يوم عائد كيوم عيد الفطر ويوم الجمعة، ومنها الاجتماع في ذلك اليوم ومنها الأعمال التي يقام بها في ذلك اليوم من عبادات وعادات، وأن ما كان من ذلك مقصودا به التنسك والتقرب أو التعظيم كسبا للأجر، أو كان فيه تشبه بأهل الجاهلية أو نحوهم من طوائف الكفار فهو بدعة محدثة ممنوعة داخلة في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم ” من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد ” رواه البخاري ومسلم، مثال ذلك الاحتفال بعيد مولد النبى وعيد الأم لما في الأول من إحداث عبادة لم يأذن بها الله، وكما في ذلك التشبه بالمشركين ونحوهم من الكفرة، ولما في الثاني والثالث من التشبه بالكفار، وما كان المقصود منه تنظيم الأعمال مثلا لمصلحة الأمة وضبط أمورها.

فهو من البدع العادية التى لا يشملها قوله صلى الله عليه وسلم ” من أحدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد ” فلا حرج فيه بل يكون مشروعا، وقد قالوا أيضا أنه لا يجوز الاحتفال بما يسمى عيد الأم ولا نحوه من الأعياد المبتدعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم ” من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ” وليس الاحتفال بعيد الأم من عمله صلى الله عليه وسلم ولا من عمل أصحابه رضى الله عنهم ولا من عمل سلف الأمة، وإنما هو بدعة وتشبه بالكفار، وقال الشيخ عبد العزيز بن باز، اطلعت على ما نشرته صحيفة الندوة تحت عنوان تكريم الأم وتكريم الأسرة، فألفيت الكاتب قد حبذ من بعض الوجوه ما ابتدعه الغرب من تخصيص يوم في السنة يحتفل فيه بالأم وأَورد عليه شيئا غفل عنه المفكرون في إحداث هذا اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى