مقال

الدكرورى يكتب عن بر الأمهات ” جزء 8″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن بر الأمهات ” جزء 8″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثامن مع بر الأمهات، ومن بين هؤلاء الأبناء ولد عاق، بدلا من أن يساعد أباه فى نفقات هذه الأسرة الكبيرة راح يلهب ظهر والده بالمصروفات ليضيعها على المخدرات والفتيات، فقال له والده المسكين أى بني أنا لا أقدر على نفقاتك ومصروفاتك، دعنى لأواصل المسيرة مع إخوانك وأخواتك، وأنت قد وصلت إلى كلية العلوم فاعمل وشق طريقك فى الحياة، ولكن الولد تمرد على التقاليد والقيم وعلى سلطان البيت والأسرة، بل وعلى سلطان الدين، راح هذا الولد العاق يفكر كيف يقتل أباه؟ ويقول القائل إى والله حدث ما تسمعون إنه طالب فى كلية العلوم راح يستغل دراسته استغلالا شيطانيا خبيثا حيث أعد مادة كيمائية بطريقة علمية معينة، وأخذ كمية كبيرة، وعاد إلى البيت، وانتظر حتى نام أبوه المسكين، فسكب المادة الكيميائية على أبيه وهو نائم.

فأذابت المادة لحم أبيه وبدت العظام، والله إن الحلق ليجف، وإن القلب لينخلع، وإن العقـل ليشط، وإن الكلمات لتتوارى فى خجل وحياء، بل وبكاء وعويل، أمام هذه المأساة المروعة الشنعاء بكل المقاييس، ويقول القائل قد يرد الآن عليّ أب كريم، من آبائنا أو أخ عزيز ويقول إنه الفقر، قاتل الله الفقر، وإن الجواب ما كان الفقر سببا ليقتل الولد أباه، وإذا أردت الدليل فخذ الحـدثة الثانية المروعة التى طالعتنا بها جريدة شهيرة منذ فتره وهى أن أسرة ثرية وصل الوالدان فيها إلى مرتبة اجتماعية مرموقة، فالأم تحمل شهادة الدكتوراه فى الهندسة جلست هذه الأم المثقفة لتناقش ابنها فلذة كبدها الـذى أنهى دراسته الجامعية فى أمر خطيبته التى أراد أن يتزوجها، فالأم تعارض هذا الزواج لاعتبارات وأسباب ترى أنها وجيهة من واقع خبرتها ومسؤليتها تجاه ولدها.

فاحتج الولد على أمه وما كان من هذا العاق إلا أن أسرع بسكين، ثم انقض بالسكين على أمه بطعنات قاتلة حتى فارقت الحياة، ما هذا؟ والله إن الحلق ليجف، وإن القلب لينخلع، من هول هذه الصورة البشعة من صور العقوق للآباء والأمهات الذى حذر الله تعالى منه فى أدنى صوره، وأقل أشكاله وألوانه، فيا أيها الأبناء اعلموا علم اليقين أن العقوق كبيرة تلى كبيرة الشرك بالله، فإن العقوق من أكبر الكبائر، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ” إن من أكبر الكبائر أن يسب الرجل والديه” فقال الصحابة وهل يشتم الرجل والديه؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم “نعم يسب الرجل أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه، فيسب أمه” فانظر إلى هذا السؤال الإنكارى من الصحابة رضوان الله عليهم، وهل يشتم الرجل والديه لا أن يقتل والديه؟

لا يتصور الصحابة فى مجتمع الطهر مجرد أن يشتم الرجل والديه، فقال النبى صلى الله عليه وسلم أن يشتم رجل بأبيه، فيرد هذا الرجل على الشاتم بأن يشتم أباه، وبهذا يكون الرجل سب أباه بطريق غير مباشر، وهذا الفعل من أكبر الكبائر والعياذ بالله، وإن العقوق سبب من أسباب الحرمان من الجنة والطرد من رحمة الله تعالى التى وسعت كل شىء، ففى الحديث الذى رواه النسائى والبزار عن عمر بن الخطاب قال أن النبى صلى الله عليه وسلم قال” ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة” قيل من هم يا رسول الله ؟ قال ” العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث” فيا أيها الأبناء، ويا أيها الآباء تدبروا قول الرسـول الكريم صلى الله عليه وسلم ” ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة” خابوا وخسروا ورب الكعبة هؤلاء هم الذين طردوا من رحمة الرحمن، التى وسعت كل شىء.

وأول المطرودين هو العاق لوالديه، ويا من منّ الله عليكم الآن بنعمة الآباء والأمهات، وأنتم لا تدركون قدر هذه النعمة، ولن تشعروا بها إلا إذا فقدتم الوالدين، أسأل الله أن يبارك فى أعمار أبائنا وأمهاتنا، وأن يختم لنا ولهم بصالح الأعمال إنه على كل شىء قدير، فإن العقوق لا ينفع معه أى عمل، سواء صـلاة أو زكاة أو حج أو صيام، ففي الحديث الذى رواه الإمام الطـبرانى وابن أبى عاصم من حديث أبى أمامة أن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم قال ” ثلاثة لا يقبل الله منهم صرفا، ولا عدلا، العاق لوالديه والمنان والمكذب بالقدر” وإن العقوق دين لا بد من قضائه فى الدنيا قبل الآخرة، فكما تدين تدان، فإن بذلت البر لوالديك سخّر الله أبناءك لبرك، وإن عققت والديك سلط الله أبناءك لعقوقك، ستجنى ثمرة العقوق في الدنيا قبل الآخرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى