مقال

الدكروري يكتب عن الجنائز والعزاء ” جزء 2″ 

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الجنائز والعزاء ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع الجنائز والعزاء، وكذلك السقط إذا كان له أربعة أشهر يتم تغسيلة ويصلي عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم “والسقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة” رواه أحمد، ومن فاتته الصلاة على الميت قبل دفنه يصلي على قبره، وأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر، وذلك أن امرأة سوداء كانت تتولي شئون المسجد، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنها فقالوا ماتت، فقال صلى الله عليه وسلم “أفلا كنتم آذنتموني؟” قال فكأنهم صغروا أمرها، فقال صلى الله عليه وسلم ” دلوني على قبرها ” فدلوه، فصلى عليها، ثم بعد الصلاة على الميت يبادر بحمله إلى قبره، ويستحب للمسلم حضور الصلاة على أخيه المسلم، وتشييع جنازته إلى قبره، بسكينة وأدب وعدم رفع صوت لا بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك.

 

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان” قيل وما القيراطان؟ قال ” مثل الجبلين العظيمين” متفق عليه، ويسن توسيع القبر وتعميقه، ويوضع الميت فيه موجها إلى القبلة على جنبه الأيمن، ويسد اللحد عليه سدا محكما، ثم يُهال عليه التراب ويرفع القبر عن الأرض قدر شبر، ويكون مسنما، أي محدبا، وذلك ليرى فيعرف أنه قبر فلا يوطأ، ولا بأس أن يجعل علامة عليه، بأن يوضع عليه حجر ونحوه ليعرفه من يريد زيارته للسلام عليه والدعاء له، ولما مات عثمان بن مظعون أخرج بجنازته فدفن، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا أن يأتيه بحجر فلم يستطع حمله، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسر عن ذراعية ، ثم حملها فوضعها عند رأسه.

 

وقال أتعلم بها قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي، ويقف الولي على القبر يدعو له بالتثبيت، ويستغفر له، ويأمر الحاضرين بذلك لحديث عثمان بن عفان رضى الله عنه قال” كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل” رواه أبو داود، ولا تجوز الكتابة على القبور، لا كتابة اسم الميت ولا غيرها، ولا يجوز تجصيصه ولا البناء عليه، ولا تجوز إضاءة المقابر بالأنوار الكهربائية ولا غيرها، لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال “نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصّص القبر، وأن يُقعد عليه، وأن يُبنى عليه” رواه مسلم، وكما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد، وإيقاد السرج عليها، واشتد نهيه في ذلك حتى لعن فاعله، ونهى عن الصلاة إلى القبور، ونهى أمته أن يتخذوا قبره عيدا.

 

ولعن زوارات القبور، وكان هديه أن لا تهان القبور وتوطأ، وألا يجلس عليها ويتكأ عليها، ولا تعظم بحيث تتخذ مساجد فيصلى عندها وإليها، أو تتخذ أعيادا وأوثانا، وإن الذي ينفع الميت بعد موته هو ما شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم من المبادرة بقضاء ديونه، فإن المسلم مرتهن بدينه حتى يقضى عنه وتنفيذ وصاياه الشرعية، والدعاء له والتصدق عنه والحج والعمرة عنه، حيث قال صلى الله عليه وسلم ” إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له ” رواه مسلم، وتستحب تعزية المصاب بالميت، وحثه على الصبر والاحتساب، ولفظ التعزية أن يقول أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك، وغفر لميتك ، وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تعزية أهل الميت، ولم يكن من هديه أن يجتمع للعزاء ويقرأ له القرآن لا عند قبره ولا غيره.

 

وكل هذا بدعة حادثة مكروهة، وكان من هديه السكون والرضا بقضاء الله، والحمد لله والاسترجاع، ويبرأ ممن خرق لأجل المصيبة ثيابه، أو رفع صوته بالندب والنياحة، أو حلق لها شعره، وإن من الخير الذي ادخره الله تعالي لأمة حبيبه ومصطفاه أنه يختار لهم إذا جاء الأجل أن يموتوا في زمن كريم أو يموتوا على حال عظيم وكريم فإذا مات المرء يوم الجمعة أو يومها يقول في شأنهم صلى الله عليه وسلم ” من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة وقي فتنة القبر” أو يجعله الله عز وجل يموت على حالة كريمة كأن يموت بمرض في بطنه أو يموت غريبا بعيدا عن بلده أو يموت غريقا أو يموت حريقا أو يكون له أى أمر من هذه الأمور التي يقول فيها صلى الله عليه وسلم ” ما تعدون الشهيد فيكم؟ قالوا الذي يقاتل فيقتل في سبيل الله تعالي.

 

فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم “إن شهداء أمتي إذن لقليل، القتيل في سبيل الله تبارك وتعالي شهيد والمطعون شهيد والمبطون شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيد” والمبطون أي الذي مات بمرض في بطنه وما أكثرهم في هذا الزمان إن كان مات بداء في المعدة أو داء في الكبد أو داء في الطحال كل من مات بداء في بطنه فهو شهيد عند الله عز وجل فجعل الله عز وجل موتى المؤمنين في هذا الزمان مكرمين بالأحايث التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أهل الميت كل وقت وحين أن يراجعوا أنفسهم في كل لحظة بعد الموت من تسديد الديون لله ولخلق الله، فإذا كان على الميت دين لأحد من الخلق سددوه أو ضمنوه وإذا كان عليه دين لله إن كان عليه صيام أخرجوا عنه الفدية فورا أو صاموا عنه بعد ذلك إن لم يستطيعوا دفع الفدية وإن كان عليه زكاة أخرجوها فورا كل الديون يستطيعون سدادها إلا الصلاة فلا يستطيع أحد أن يؤدّي الصلاة عن أحد لأنها عبادة فردية للواحد الأحد عز وجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى