مقال

الدكروري يكتب عن الجنائز والعزاء ” جزء 3″ 

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الجنائز والعزاء ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع الجنائز والعزاء، ونسمع في بعض الأحيان ممن ينتسب لدين الإسلام ويقيم نفسه معلما للإيمان حديثا عن الموت على أن الموت فيه شدات وفيه عناء وفيه كرب وفيه هم وبلاء ويحدثون بذلك المسلمين فإذا سألتهم لماذا ذلك؟ يقولون حتى نخوفهم من الموت فيستعدون للقاء الله عز وجل وأولى بنا جماعة المؤمنين أن نفهم كل مصطلحات الدين من كلام الله ومن الصحيح الوارد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وماذا قال الله عز وجل عن المؤمن إذا جاءت وفاته وحان وقت خروجه من الدنيا؟ اسمعوا إلى الله عز وجل وهو يقول في سورة النحل ” الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون” فإذا سأل الملكين العبد المؤمن الصالح ثبته الله وألهمه الجواب ونطق بالصواب وهذا للعبد المؤمن.

 

ولكل مؤمن بشريات من الله لا حد لها ولا عد لها لو سمعناها سنتمنى الموت، فيقول تعالي ” فتمنوا الموت إن كنتم صادقين” وقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم على رجل من الأنصار تقبض روحه وقال صلوات ربى وتسليماته عليه ” يا ملك الموت ارفق بصاحبي فإنه مؤمن، فقال ملك الموت عليه السلام، طب نفسا وقر عينا واعلم أني بكل مؤمن رفيق” فإن ملك الموت عليه السلام يقبض روح المؤمن بالشفقة لأن الذي يقبض روحه هم ملائكة الرحمة النازلين من الجنة يبشرونه بفضل الله ويكشفون له عما له عند الله من الإكرام في الدار الآخرة وفي جنة الله عز وجل فإذا كشف عنه الغطاء ورأى هذا العطاء تمني أن يخرج من الدنيا ليُنعم بما رآه من عطاء الله وفيض الله ونعيم الله تعالي، ثم بعد ذلك يُكرم الله تعالي المؤمنين فيأمرنا جماعة المؤمنين أن نغسّله وأن نكفنه.

 

وأن نصلى عليه، ولكن لماذا نصلي عليه؟ لأن الصلاة منا شفاعة له عند الله فكأننا نقول يا رب بما لنا عندك من فضل إغفر له وارحمه وأدخله الجنة وتجاوز عنه، والله عز وجل يستحي إذا رفع العبد يديه بالدعاء أن يردّه صفرا من عطائه ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما من رجل مسلم يموت فيقوم علي جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه” فإذا لم نجد هذا العدد قال صلى الله عليه وسلم ” ما صلي ثلاثة صفوف من المسلمين علي رجل مسلم يستغفرون له إلا أوجب” وأمرنا صلى الله عليه وسلم إذا رأيناه يعتاد المسجد ويلازم على الصلاة في المسجد أن نشهد له بالإيمان وأن نشهد له بالصلاح فقال صلى الله عليه وسلم لنا جماعة المؤمنين أجمعين ” إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان” ويحكي قصة هذه الشهادة.

 

إذا ذهبت لغير مؤهل لنوالها يوم القيامة فيقول النبي صلى الله عليه وسلم ” إذا مات العبد والله يعلم منه شرا ويقول الناس في حقه خيرا، قال الله تعالي والملائكة قد قبلت شهادة عبادي علي عبدي وغفرت علمي” فيدخل العبد الجنة بشهادة المؤمنين وبصلاة المؤمنين وبحضور المؤمنين لجنازته لأن هذا فضل من الله عز وجل لعباده المؤمنين وأتباع سيد الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم ويرغّب الله عز وجل المؤمنين في هذه الأعمال فيجعل ثوابا عظيما على ذلك يقول فيه صلى الله عليه وسلم ” من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا فصلي عليه ثم انتظر حتي يوضع في قبرة كان له قيراطان أحدهما مثل أحد ومن صلي عليه ثم رجع كان له قيراط” فإذا شيعناه إلي مثواه الأخير كانت له بشرى فقد سُئل النبي صلى الله عليه وسلم، عن أول ما يتحف به المؤمن في قبرة؟

 

فقال صلي الله عليه وسلم ” يغفر لمن تبع جنازته” فيعطينا الله عز وجل ثواب جبل من الأجر والثواب على الصلاة وثواب جبل من الأجر والثواب على التشييع ثم يغفر الله تعالي لنا أجمعين إذا شيعناه إلي مثواه الأخير كل هذا حتى يفرح المؤمنون بفضل الله تعالي ويعلمون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أمتي أمة مرحومة متاب عليها تدخل قبورها بذنوبها وتخرج من قبورها لا ذنوب عليها تمحص عنها ذنوبها باستغفار المؤمنين لها” ولنعلم أن كل ميت مرهون بدينة، فإذا أدينا ما عليه من ديون استقر وكنا قد بررناه لقول النبي صلى الله عليه وسلم لرجل مات أخوه وعليه دين ” إن أخاك محبوس بدينة فاذهب فاقضي عنه” ثم بعد ذلك ندعوا له الله ونقرأ له كتاب الله ونتصدّق عنه وخير الصدقة الصدقة الجارية التي يدوم نفعها للفقراء من عباد الله.

 

ونذكره دائما بالخير ولا نذكر خطاياه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اذكروا محاسن موتاكم” فهذه تلك القبور التي غيبت فيها أجساد تحت التراب، تنتظر البعث والنشور وأن ينفخ في الصور، وقد اجتمع أهلها تحت الثرى، ولا يعلم بحالهم إلا الذي يعلم السر وأخفى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى