مقال

الدكرورى يكتب عن ضياع الوقت أشد من الموت ” جزء 3″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن ضياع الوقت أشد من الموت ” جزء 3″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع ضياع الوقت أشد من الموت، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم “والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه” فتعين أخاك المسلم فيعينك الله، وترحمه فيرحمك، وتستره فيسترك، وتنفس عنه كربة من كرب الدنيا، فينفس الله عنك كربة من كرب القيامة، وتضع عنه بعض الدين، يضع عنك بعض الوزر، وتفرج عن عسرته، يفرج الله عن عسرك يوم القيامة وهكذا، فقال إبراهيم بن أدهم ” من لم يواسي الناس بماله وطعامه، وشرابه، فليواسهم ببسط الوجه، والخلق الحسن” فإن قضاء حوائج الناس يعتبر من أعظم العبادات وأجل القربات إلى الله، وقضاء بها الأوقات، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال أن رجلا جاء إلى النبي صلي الله عليه وسلم فقال يا رسول الله، أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله؟

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أحب الناس إلى الله عز وجل أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهرا، أي في مسجد المدينة، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غضبه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رخاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له ثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام” وهذا الحديث لو عملنا بما فيه لكنا من أحب الناس إلى الله، فإن أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور يدخله إلى مسلم أو يكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا” وإن قضاء حوائج الآخرين، أفضل من الاعتكاف في مسجد النبي صلي الله عليه وسلم شهرا.

ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إليّ من أن أعتكف في هذا المسجد يعني مسجد المدينة شهرا، وهكذا فإن اغتنام الأوقات في قضاء حوائج المسلمين أمان من الفزع الأكبر، فقال صلي الله عليه وسلم “ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزل الأقدام” وقال ابن عباس رضي الله عنهما “إن لله عبادا يستريح الناس إليهم في قضاء حوائجهم وإدخال السرور عليهم أولئك هم الآمنون من عذاب يوم القيامة” وقال صلي الله عليه وسلم “من سرّه أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه” وقال “يا ابن آدم، نهارك ضيفك فأحسن إليه، فإنك إن أحسنت إليه ارتحل بحمدك، وإن أسأت إليه ارتحل بذمك، وكذلك ليلتك” وقال الدنيا ثلاثة أيام أما الأمس فقد ذهب بما فيه، وأما غدا فلعلك لا تدركه، وأما اليوم فلك فاعمل فيه”

فكل يوم يمر عليكم تزدادون بعدا من الدنيا وقربا من الآخرة فاعملوا وتزودوا لها وقال الإمام علي بن أبي طالب ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل، وإياكم وضياع الوقت فيما لا فائدة فيه فإن إضاعة الوقت أشد من الموت لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها” ويقول الفضيل بن عياض لرجل كم أتى عليك ؟ قال ستون سنة، قال فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ فقال الرجل إنا لله وإنا إليه راجعون، قال الفضيل أتعرف تفسيره تقول إنا لله وإنا إليه راجعون، فمن علم أنه لله عبد وأنه إليه راجع فليعلم أنه موقوف، ومن علم أنه موقوف، فليعلم أنه مسئول.

فليعد للسؤال جوابا، فقال الرجل فما الحيلة ؟ قال يسيرة، قال ما هي؟ قال تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى، فإنك إن أسأت فيما بقي، أخذت بما مضى وما بقي والأعمال بالخواتيم، وإن أحوال العالم تتغير يوما بعد يوم، وشهرا بعد شهر، وسنة بعد سنة، وعقدا بعد عقد، وقرنا بعد قرن من الزمان، والله سبحانه وتعالى بحكمته عز وجل وعلمه، وقدرته وإرادته هو الذي يغير هذه الأمور فهو سبحانه وتعالى القائل في سورة آل عمران ” وتلك الأيام نداولها بين الناس” ونزلت هذه الآية في معركة أحد، كان المسلمون قد انتصروا قبلها في غزوة بدر انتصارا مبينا فرقانا بين الحق والباطل، وبعد ذلك في معركة أحد انهزم المسلمون، وقتل منهم سبعون من خيارهم، وحصلت هزيمة عظيمة، وشجّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلت منه الدماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى