مقال

الدكرورى يكتب عن مرحبا شهر رمضان ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن مرحبا شهر رمضان ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

إن من الآداب الشرعية بين يدى شهر رمضان المبارك أن تتأهب له كل يوم, بنفس تأهبك بقدومه مستبشرا، كما كنت لرؤية الهلال منتظرا, وأن تستشرف لنظره، استشرافا لقدوم حبيب غائب من سفره وهذا من تعظيم شعائر الله تعالى فسبحانه القائل فى كتابه ” ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ” نعم، يفرح المؤمنون بقدوم شهر رمضان ويسبشرون, ويحمدون الله أن بلغهم إياه ويعقدون العزم على تعميره بالطاعات وزيادة الحسنات, وهجر السيئات, وأولئك يبشّرون بقول الله تبارك وتعالى ” قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون” ولماذا؟ لأن محبة الأعمال الصالحة والاستبشار بها فرع عن محبة الله عز وجل فقال تعالى ” وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهو يستبشرون”

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من الصوم في شعبان استعدادا وتهيئة للنفس قبل رمضان، ولو قيل لأحدنا إن أحد الكبراء أو الأمراء سيزورك في بيتك، لرأيته يستعد لاستقباله وإكرامه قبل أيام وأيام، فكيف بشهر فيه من الفضائل والمحاسن ما يعجز عنه الحصر والبيان، إنه شهر الصبر والإحسان، وشهر الرحمة والغفران، وشهر الدعاء والقرآن، وشهر التوبة والعتق من النيران، وقلوب المتقين إليه تحن، ومن ألم فراقه تئن، وكان الصالحون يدعون الله زمانا طويلا ليبلغهم أيام شهر رمضان، فقال على بن الفضل رحمه الله، كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ثم يدعون ستة أشهر أن يتقبل منهم، وقال يحيى بن أبي كثير رحمه الله، كان من دعائهم” اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلا”

فيجب علينا أن ندعوا بدعائهم، ونفرح كفرحهم، وعسى الله أن يشملك بنفحات رمضان، فيغفر الله لكم الذنوب، وتخرجوا من رمضان وقد أعتقكم الله تعالى من النار، وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه أملككم لأربه” رواه البخاري ومسلم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه “رواه البخاري ومسلم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” من ذرعه القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمدا فليقضي” رواه الترمذى، وعن لقيط بن صبرة رضي الله عنه قال، قلت “يا رسول الله، أخبرني عن الوضوء، قال” أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما” رواه أحمد.

أما خطر ببالك يوما فضل من أدرك رمضان؟ أما تفكرت يوما في عظم ثواب العمل في هذا الشهر المبارك؟ فتأمل معي هذه القصة العجيبة، فقد روى الإمام أحمد وابن ماجه من حديث طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أن رجلين من ” بلى ” قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إسلامهما جميعا، فكان أحدهما أشد اجتهادا من الآخر، فغزا المجتهد منهما فاستشهد، ثم مكث الآخر بعده سنة ثم توفي، قال طلحة فرأيت في المنام بينما أنا عند باب الجنة، إذا أنا بهما، فخرج خارج من الجنة فأذن للذي توفي الآخر منهما، ثم خرج فأذن للذي استشهد، ثم رجع إلي فقال ارجع فإنك لم يأن لك بعد، فأصبح طلحة يحدث به الناس، فعجبوا لذلك، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدثوه الحديث، فقال صلى الله عليه وسلم “من أى ذلك تعجبون؟

فقالوا يا رسول الله، هذا كان أشد الرجلين اجتهادا ثم استشهد، ودخل هذا الآخر الجنة قبله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أليس قد مكث هذا بعده سنة؟ قالوا بلى، قال وأدرك رمضان فصام وصلى كذا وكذا من سجدة في السنة؟ قالوا بلى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “فما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض” فإن بلوغ رمضان نعمة عظيمة، وفضل كبير من الله تعالى، حتى إن العبد ببلوغ رمضان وصيامه وقيامه يسبق الشهداء في سبيل الله الذين لم يدركوا رمضان، ولقد بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلاف سعي الناس في الاستعداد لرمضان, فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

” ما أتى على المسلمين شهر خير لهم من رمضان، ولا أتى على المنافقين شهر شر لهم من رمضان, وذلك لما يُعدّ المؤمنون فيه من القوة للعبادة، وما يُعدّ فيه المنافقون من غفلات الناس وعوراتهم, وهو غنم للمؤمن يغتنمه الفاجر، وفي رواية ونقمة للفاجر” والحديث في سنده اختلاف وقد أخرجه الإمام أحمد وابن خزيمة، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم “وما يُعد فيه المنافقون من غفلات الناس وعوراتهم” يعني أن المنافقين يستعدون في شهر رمضان للإيذاء بالمسلمين في دنياهم وتتبع عوراتهم أثناء غفلتهم، وكأن ذلك غنيمة اغتنموها، وهى في الحقيقة شر لهم لو كانوا يعلمون ما أعده الله لهم في الآخرة من العذاب المقيم والحرمان من النعيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى