مقال

الدكروري يكتب عن التنافس في أعمال الخير” جزء 2″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن التنافس في أعمال الخير” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــروري

ونكمل الجزء الثاني مع التنافس في أعمال الخير، فقد شكر الله العظيم الجليل لهذا الرجل، ومنحه مغفرته التي يتنافس عليها المتنافسون مقابل ماذا؟ هل قاتل في سبيل الله حتى ذهبت روحه؟ كلا، وإنما من أجل حفنة ماء ملء الخف ليسقي بها كلبا من الكلاب، واستمع إلى هذا الخبر العجيب عن أبي هريرة عن النبي صلى لله عليه وسلم قال “لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس” رواه مسلم، وفي لفظ في الصحيحين “بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له” رواه البخارى ومسلم، والشكر من الله والمغفرة والجنة لهذا الرجل مقابل ماذا؟ فقد أزاح غصن شوك يؤذى الناس من طريقهم، فما أعظم فضل الله، وما أوسع أبواب الخير، فإن عجزنا عن مكابدة الليل.

وصيام النهار، والجهاد في سبيل الله لتكفير ما بدر من تقصيرنا وخطايانا، فثمة باب يسير من أبواب الخير يحصل به المراد في تكفير صغائر الذنوب، وهو كثرة الوضوء لئن كان الماء ينظف البدن من الأوساخ فإن ماء الوضوء يطهر من أوساخ الذنوب، ومن أعمال الخير اليسيرة التي رتب عليها أجور كثير هو المشي إلى المسجد، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى لله عليه وسلم “من راح إلى مسجد الجماعة فخطوة تمحو سيئة، وخطوة تكتب له حسنة ذاهبا وراجعا” رواه أحمد وابن حبان، وأنه لا يخلو أحدنا أن استوقفه شخص في يوم من الأيام يستوصفه عن طريق أو معلم ما، لكن من يحتسب عمل هذا الخير ويعلم أنه صدقة في الإسلام، فقد ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى لله عليه وسلم قال “دل الطريق صدقة”

وعن أبي ذر رضي الله عنه قال رسول الله صلى لله عليه وسلم ” تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة” رواه الترمذى، وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى لله عليه وسلم قال “من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة” رواه الترمذى، فما أسهل أن تعمر لك بستانا من النخيل فى خمس دقائق، وكم يفوت من النخيل على أصحاب النوم الثقيل والعبث الطويل، وقال رسول الله صلى لله عليه وسلم ” لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تعطي صلة الحبل، ولو أن تعطي شسع النعل، ولو أن تنزع من دلوك في إناء المستسقي.

ولو أن تنحي الشيء من طريق الناس يؤذيهم، ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منطلق، ولو أن تلقى أخاك فتسلم عليه، ولو أن تؤنس الوحشان في الأرض” رواه أحمد، ومن أعمال الخير هو المبادرة والمسارعة، فقد قال خالد بن معدان إذا فتح لأحدكم باب خير فليسرع إليه، فإنه لا يدرى متى يغلق عنه، وقال ابن القيم ” إذا حضرت للرجل فرصة القربة والطاعة، فالحزم كل الحزم في انتهازها، والمبادرة إليها، والعجز في تأخيرها، والتسويف بها، ولا سيما إذا لم يثق بقدرته وتمكنه من أسباب تحصيلها، فإن العزائم والهمم سريعة الانتقاض قلما ثبتت، والله سبحانه يعاقب من فتح له بابا من الخير فلم ينتهزه، بأن يحول بين قلبه وإرادته، فلا يمكنه بعد من إرادته عقوبة له، وتذكر أن كل عمل خير ستجد نفعه أحوج ما تكون إليه، فهذا مما يبعث في النفس العزم والحماس في عمل الخيرات.

فقال تعالى “فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره” وأيضا الاجتهاد في فعل الخيرات كما وكيفا، فالنفس بطبعها تميل إلى الدعة والراحة والتسويف، لكن الحازم من يأطرها على عمل الخير، ويسوقها إليه، ويجاهد نفسه وهواه وشيطانه الذين يصدونه عن فعل الخيرات، ومن جاهد نفسه بنية صالحة فليبشر بالهداية، فقال تعالى فى سورة العنكبوت “والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين” وإن أبواب الخير كثيرة، وهي متاحة ويسيرة، والأعمار قصيرة، فالغنيمةَ الغنيمة قبل قدوم اللحظة الأخيرة، والمبادرة والمسابقة والمسارعة قبل هجوم الأجل، وانقطاع العمل، فإن باب الله مفتوح، وفضله ممنوح، وعطاؤه يغدو ويروح، فأين العاملون وفي أبواب الخير متسابقون، واعلموا أن اجتماع الخير كله في عبادة الله وحده لا شريك له على ما وافق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع الإخلاص ومحبة الله تعالى، ومحبة رسول الله عليه الصلاة والسلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى