مقال

الدكروري يكتب عن الأحكام الفقهية للصيام ” جزء 7″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الأحكام الفقهية للصيام ” جزء 7″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السابع مع الأحكام الفقهية للصيام، وتوسط الشيخ القرضاوى، فرأى أن الإغماء الطويل لا تكليف معه، وأما القصير الذى لا يزيد عن اليومين فهو لا يرفع التكليف ومن بلغ به الكبر حدّ الخرف، فلا يجب عليه ولا على أهله شيء لسقوط التكليف، فإن كان يميز أحيانا ويهذى أحيانا وجب عليه الصوم حال تمييزه ولم يجب حال هذيانه، وأما بخصوص الحائض والنفساء، فإنه لا يجب على الحائض والنفساء الصيام اتفاقا فى فقه الصيام، وإذا صامتا أثمتا، وعليهما بعد الطهر قضاء ما فاتهما من رمضان، أما الصلاة فلا تكلفان قضاءها، وإذا طهرتا أثناء نهار رمضان فيستحب لهما الإمساك ساعة الطهر مراعاة لحرمة الشهر، وقيل فى فقه الصيام أنه يجب، وليس بسديد، وعلى كلا الرأيين عليهما قضاء هذا اليوم، وأما عن حبوب تأخير الحيض.

فإن استسلام المرأة لطبيعتها أفضل كما استسلم الفضليات من قبل، ومن استخدمت ما يرفع حيضها لتنعم بالصيام فلا بأس بشرط أن لا يكون في ذلك ضرر عليها، والحيض هو الدم الأسود القانى فقط، المعروف بغلظه ونتن رائحته، وما سواه من إفرازات بنية أوترابية أو كدرة أو صفرة أو غيرها فليس من الحيض سواء أكان قبل الحيض أم بعده على الصحيح، وفى المسألة اختلاف كثير، وأيضا النزيف المهبلى لا يمنع الصوم ولا يأحذ أحكام الحيض، وكذلك النفساء متى انقطع عنها الدم انقطاعا لا رجعة بعده فقد أصبحت طاهرا ولو بعد الولادة بساعة، وإذا لم ينقطع فأقصى ما تعده نفاسا أربعون يوما، وما بعد الأربعين فليس من النفاس فى شيء، وأما عن الصيام والسفر، فقد أجمعت الأمة فى فقه الصيام على أن من حق المسافر أن يفطر، حتى ذكر شيخ الإسلام أن من أنكر ذلك يستتاب.

وإلا حكم عليه بالردة لأنه حكم معلوم من الدين بالضرورة, وذهب بعض الصحابة إلى وجوب الإفطار في السفر إلا أن الجمهور على أنه جائز لا واجب، والسفر في ذاته مسوغ من مسوغات الفطر سواء صحبه تعب ومشقة أم لا، والمشهور في فقه الصيام والمذاهب أن المسافة التي تبيح القصر نحو ثمانين أو تسعين كيلو مترا، ولكن ابن القيم بين أن هذا التحديد لا أصل له، وأن كل ما يعد في العرف سفرا فإنه يجيز الإفطار ولو كان أقصر من ذلك بكثير كما صح أن دحية الكلبى وهو أحد الصحابة أفطر في سفر ثلاثة أميال أى حوالي تسعه كيلو مترا، وإن الفطر جائز للمسافر فى فقه الصيام حتى لو لم تلحقه مشقة، ولذلك يجوز لمن يسافر بالطائرات أن يفطر، واختلف العلماء فى أيهما أفضل للمسافر الصيام أم الفطر ؟ ولعل الأنسب أن الأفضل ما تيسر له منهما وهو اختيار الشيخ القرضاوى.

واشترط كثير من المذاهب الفقهية المتبوعة فى فقه الصيام أن المسافر ليس له أن يصوم إلا بعد مغادرته للبلد التى يسافر منها، والصحيح أن ذلك ليس شرطا، فقد أفطر أنس بن مالك قبل أن يركب راحلته بمجرد أن لبس ثياب السفر، وإلى هذا ذهب ابن القيم، وقد اختلف العلماء في فقه الصيام في جواز إفطار المسافر لليوم الذي يعلم أنه سيصل فيه إلى بلده قبل الغروب، فذهب جمهور العلماء ومنهم الأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعى رحمهم الله، إلى جواز الفطر له، وذهب الإمام أحمد رحمه الله إلى أنه يلزمه الصوم، وقال الشيخ ابن العثيمين “الصحيح أنه لا يلزمه الصيام” وإذا عاد المسافر إلى بلده نهارا وهو مفطر ففى وجوب إمساكه ساعة رجوعه خلاف إلا أن عليه القضاء أمسك أم لم يمسك، وهنا حالتان شدد فيهما كثير من المذاهب المتبوعة فلم يبيحوا فيهما الفطر هما الأولى.

وهو من بدأ سفره في أثناء النهار وهو صائم فلا يجوز له الفطر، والثانية في فقه الصيام، من كان في سفره، ونوى الصيام قبل الفجر فلا يجوز له أن ينقض نيته فيفطر بعد الفجر حتى لو كان لا يزال مسافرا، والصحيح أن للمسافر أن يفطر في هاتين الحالتين، وقد ذكر الإمام القرطبى أن من عزم على السفر فى رمضان صبيحة يومه فلا ينوى الفطر حتى يسافر بالفعل فقد يعرض له ما يمنعه من السفر، ويجوز الفطر للمسافر حتى لو أصبح السفر عادته طالما أن له بلدا يأوى إليه مثل أصحاب سيارات الأجرة والطيارين والملاحين حتى لو كان سفرهم يوميا، وعليهم القضاء، فإذا كان واحد من هؤلاء ليس لهد بلد يأوى إليه، كالملاح الذى معه في سفينته امرأته وجميع مصالحه فلا يرخص له حينئذ فى الفطر، وأما عن الصيام واختلاف المواقيت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى