مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن الصلاح ” جزء 2″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام إبن الصلاح ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــروري

ونكمل الجزء الثاني مع الإمام إبن الصلاح، وقال عنه الباحث زهير ظاظا وعنوان الكتاب كما سماه ابن الصلاح أنواع علوم الحديث، وقد جرى الحفاظ على تسميته بمقدمة ابن الصلاح لأن علوم الحديث قد اختص كل علم منها بمصنفات مفردة، فجاء ابن الصلاح واستصفى خلاصاتها وقدمها في كتاب واحد، وقال الحافظ ابن حجر واعتنى فيه بتصانيف الخطيب البغدادي المتفرقة، فجمع شتات مقاصدها، وضم إليها من غيرها نخبا وفوائد، وكما قال عنه الحافظ ابن حجر فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره، ولا يحصى كم ناظم له ومختصر، ومستدرك عليه ومقتصر، ومعارض له ومنتصر، وقد كتب الكثير شرحا وتعليقا على المقدمة، ومنها الإرشاد ليحيى بن شرف النووي، لخص فيه مقدمة ابن الصلاح ثم لخصه في كتاب التقريب والتيسير لأحاديث البشير النذير.

وشرح الحافظ ابن حجر العسقلاني الإفصاح على نكت ابن الصلاح ويسمى النكت على كتاب ابن الصلاح، ونخبة الفكر وشرحه نزهة النظر وكلاهما للحافظ ابن حجر، وتدريب الراوي شرح تقريب النووي للحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي، فحظي الكتاب باهتمام علماء الحديث فهذبوه أو اختصروه أو نظموه شعرا من هؤلاء هو الإرشاد للنووي اختصر فيه مقدمة ابن الصلاح، والتقريب للإمام النووي لخص فيه كتاب الإرشاد، واختصار علوم الحديث للحافظ إسماعيل بن عمر الشهير بابن كثير، والخلاصة للطيبي لخص فيه مقدمة ابن الصلاح، والمنهل الروي لبدر الدين بن جماعة لخص فيه مقدمة ابن الصلاح وهو مخطوط، ومحاسن الاصطلاح وتضمين كتاب ابن الصلاح لشيخ الإسلام البلقيني، والنكت للزركشي على مقدمة ابن الصلاح، وهو مخطوط.

والتقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح للحافظ زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي، والمقنع لابن الملقن وهو تلخيص لمقدمة ابن الصلاح، وألفية الحديث للحافظ عبد الرحيم العراقي وشرحاه وهما مطبوعان، والنكت لابن حجر على مقدمة ابن الصلاح، وتدريب الراوي شرح تقريب النواوي للحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي، ومقتطفات من الكتاب، وذكر ابن الصلاح في الكتاب خمس وستين نوعا من علوم الحديث، وهذه بعض أنواعه، منها الحديث الصحيح، وهو الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه ولا يكون شاذا ولا معللا، وفي هذه الأوصاف احتراز عن المرسل والمنقطع والمعضل والشاذ وما فيه علة قادحة وما في راوية نوع جرح، والحديث الحسن وهو ما عرف مخرجه واشتهر رجاله.

وعليه مدار أكثر الحديث وهو الذي يقبله أكثر العلماء ويستعمله عامة الفقهاء، وهو على نوعين هما الحديث الذي لا يخلو رجال إسناده من مستور لم تتحقق أهليته غير أنه ليس مغفلا كثير الخطأ فيما يرويه ولا هو متهم بالكذب في الحديث، أي لم يظهر منه تعمد الكذب في الحديث ولا سبب آخر مفسق، ويكون متن الحديث مع ذلك قد عرف بأن روي مثله أو نحوه من وجه آخر أو أكثر حتى اعتضد بمتابعة من تابع راويه على مثله أو بما له من شاهد وهو ورود حديث آخر بنحوه فيخرج بذلك عن أن يكون شاذا ومنكرا وكلام الترمذي على هذا القسم يتنزل، وأن يكون راويه من المشهورين بالصدق والأمانة غير أنه لم يبلغ درجة رجال الصحيح لكونه يقصر عنهم في الحفظ والإتقان وهو مع ذلك يرتفع عن حال من يعد ما ينفرد به من حديثه منكرا ويعتبر في كل هذا مع سلامة الحديث.

من أن يكون شاذا ومنكرا، سلامته من أن يكون معللا، وكل حديث لم يجتمع فيه صفات الحديث الصحيح ولا صفات الحديث الحسن المذكورات فيما تقدم وقصر عن مرتبتهما فهو حديث ضعيف، وأما عن الحديث المتصل، فهو الذي اتصل إسناده فكان كل واحد من رواته قد سمعه ممن فوقه حتى ينتهي إلى منتهاه، وأما عن الحديث المرفوع، وهو ما أضيف إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم خاصة، وأما عن الحديث الموقوف، وهو ما يروي عن الصحابة من أقوالهم أو أفعالهم ونحوها فيوقف عليهم ولا يتجاوز به إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم، وأما عن الحديث المقطوع وهو ما جاء عن التابعين موقوفا عليهم من أقوالهم أو أفعالهم، وأما عن الحديث المرسل، فهو حديث التابعي الكبير الذي لقي جماعة من الصحابة وجالسهم كعبيد الله بن عدي بن الخيار.

ثم سعيد بن المسيب، وأمثالهما إذا قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم، وأما عن الحديث المنقطع وأكثر ما يوصف بالانقطاع ما رواه من دون التابعين عن الصحابة مثل مالك عن ابن عمر ونحو ذلك، وأما عن الحديث المعضل “بالفتح” وهو عبارة عما سقط من إسناده اثنان فصاعدا، وأما عن الإسناد المعنعن وهو الذي يقال فيه فلان عن فلان، وأما عن الشاذ وهو أن يروي الثقة حديثا يخالف ما روى الناس، وذكر الحاكم أبو عبد الله الحافظ أن الشاذ هو الحديث الذي يتفرد به ثقة من الثقات وليس له أصل بمتابع لذلك الثقة، وأما عن الحديث المنكر فهو ينقسم قسمين، المنفرد المخالف لما رواه الثقات، وهو الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والإتقان ما يحتمل معه تفرده، وتوفى ابن الصلاح بدمشق في سحر الأربعاء الموافق الخامس والعشرين من شهر ربيع الثاني.

سنة ستمائة وثلاثة وأربعين للهجرة، الموافق التاسع عشر من شهر سبتمبر لعام ألف ومائتان وخمس وأربعون ميلادي، واجتمع للصلاة عليه جمع كبير وازدحم الناس ومن وجهاء دمشق، ودفن في مقابر الصوفية بدمشق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى