مقال

نفحات إيمانية ومع الحق و اليقين ” جزء 3″

نفحات إيمانية ومع الحق و اليقين ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع الحق و اليقين، إنه الصحابي الشجاع هاشم بن عتبة، المعروف بالمرقال, ابن أخو سعد بن أبي وقاص، وكان قد أسلم يوم الفتح وشارك في كثير من المعارك حتى ذهبت عينه يوم اليرموك، وكان من أمراء أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم صفين واستشهد يومئذ، فبكاه الإمام علي بن أبي طالب وبكى عمار بن ياسر أيضا الذي استشهد معه، ودفنهما إلى جنب بعض، في الموضع الذي استشهدا فيه، وقبرهما اليوم في محافظة الرقة في سوريا، فأحب الأعمال إلى الله هو الإيمان الذي لا ريب فيه ولا شك فيه، وهو الذي يوصل صاحبه إلى درجة اليقين، فلذلك كان حقا أن اليقين هو الإيمان، وهو الدين كله.

 

ويشهد لذلك أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عندما وعد من شهد أن لا إله إلا الله بالجنة وأن يحرمه على النار، جعل ذلك مقترنا باليقين كما هو مقترن بالإخلاص، كما في قوله صلى الله عليه وسلم في قصة غزوة تبوك عندما اشتد الأمر على الصحابة رضي الله عنهم، فأرادوا أن يذبحوا جمالهم ليأكلوا منها، فقال عمر رضي الله عنه، يا رسول الله لو جمعت الطعام الذي عند المسلمين ثم دعوت الله تبارك وتعالى فيبارك الله تعالى فيه، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشورته، فبارك الله لهم في طعامهم وتزودوا جميعا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، لا يلقى الله بهما عبد مستيقنا بهما غير شاك إلا دخل الجنة ”

 

فإن الذاتية هو أن الحق مرتبط بشخص معين بالذات وبالصفات، وإن مصطلح الخاص أو الخصوصية وهى الآثار المترتبة عن ذاتية الحق، أما عنصر الاستئثار فيعني انفراد صاحب الحق بالشيء محل الحق، ومثل هاتين الخاصيتين هي جوهر التمييز بين القاعدة القانونية والحق، فإذا كانت القاعدة القانونية تتميز أساسا بأنها عامة ومجردة فإن القاعدة المكرسة للحق وعكس ذلك تتميز بخاصية الذاتية، أو أنها مشخصة في شخص معين يستأثر بالحق، وتتجلى خاصية الذاتية في الخطاب المستعمل من طرف الأشخاص بقولهم هذا لي أو من حقي كذا، ومعنى ذلك أن الحق يختص بواقعة محددة بعينها وبشخص معين بذاته، وتتطلب هذه الخاصية تغير الشروط اللازمة في الواقعة أو التصرف القانوني.

 

أو أي مصدر آخر للحق حسب طبيعة الشيء محل الحق وحسب طبيعة الشخص الذى تخاطبه وكذا صفته، وتجدر الإشارة إلى أن خاصية الذاتية قد لا تكون واضحة في البداية، بل تظهر عند حدوث الواقعة، أي عند التطبيق كحالة المسؤولية التقصيرية فإن حق التعويض ينطبق على شخص معين بالذات يتمتع بصفة المتضرر، وأما عن الفرع الثانى، وهو خاصية الشرعية والحماية القانونية، ويقصد بالشرعية اعتراف القانون بالحق وانتسابه إلى صاحبه، أما الحماية القانونية، فهى تعني توفر صاحب الحق على وسائل قانونية لحماية حقه تجاه أى اعتداء يقع عليه من قبل الغير، وهدف الشرعية والحماية القانونية تحقيق الاستقرار في المجتمع عن طريق وضع قواعد سلوك توجه الأفراد نحو الحقوق المشروعة.

 

وتنأى بهم عن الكسب غير المشروع المخالف للنظام العام والآداب العامة، أى لا تشكل العوائد الناتجة عن أعمال إجرامية حقوقا في نظر القانون، وبالتالي لا تستفيد من الحماية، حيث أن الحماية تقتصر على الحق المشروع، وتكون هذه الحماية مقترنة بدعوى قضائية تكون نتيجتها توقيع جزاء مادى من قبل السلطة العمومية على كل شخص ينتهك أو يلحق الضرر بمصلحة صاحب الحق، وهو بذلك يعد كقصاص يتيح لصاحب الحق استرجاع حقه أو الحصول على تعويض يناسبه، وهذه الحماية تعد في الواقع كضغط لإكراه الغير واجباره على احترام حقوق الأشخاص وينجم عن خاصية الشرعية والحماية القانونية، وهى ربط حماية الحق بالسلطة العمومية ممثلة في الدولة، وتحديدا السلطة القضائية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى