مقال

الدكروري يكتب عن الإمام الأزرقي ” جزء 5″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام الأزرقي ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الخامس مع الإمام الأزرقي، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءته مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء فكان يأتي حراء فيتحنث فيه وهو التعبد والتبرر الليالي ذوات العدد ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة ابنة خويلد فيتزود بمثلها حتى فاجأه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فيه فقال اقرأ، قال فقلت ما أنا بقارئ، قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال اقرأ، فقلت ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ما أقرأ، فقال اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، حتى بلغ ما لم يعلم..” وأما عن ذكر ثور وما جاء فيه فيقول أبو الوليد قال حدثني محمد بن أبي عمر العدني، عن سعيد بن سالم القداح عم عمر بن جميل الجمحي عن ابن أبي مليكة أن النبي صلى الله عليه وسلم.

 

لما خرج هو وأبو بكر إلى ثور، جعل أبو بكر يكون أمام النبي صلى الله عليه وسلم مرة، وخلفه مرة، قال فسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال إذا كنت أمامك خشيت أن تؤتى من خلفك، وإذا كنت خلفك خشيت أن توتى من أمامك حتى انتهينا إلى الغار، وهو في ثور، قال أبو بكر رضي الله عنه كما أنت، حتى أدخل يدي فأجسه، فإن كان في دابة أصابتني قبلك، قال وبلغني أنه كان في الغار جحر، فألقم أبو بكر، رضي الله عنه، رجله ذلك الجحر فرقا أن يخرج منه دابة، أو شيء يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما عن ذكر مسجد البيعة، فيقول أبو الوليد قال حدثني جدي، قال حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الزبير محمد بن مسلم، أنه حدثه جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبث بمكة عشر سنين.

 

يتبع الحاج في منازلهم في الموسم بمجنة، وعكاظ، ومنازلهم بمنى يقول من يؤويني، وينصرني حتى أبلغ رسالة ربي وله الجنة، فلا يجد أحدا يؤويه حتى إن الرجل يرحل صاحبه من مضر، أو اليمن فيأتيه قومه، أو ذو رحمة فيقولون احذر فتى قريش، لا يفتنك يمشي بين رجالهم يدعوهم إلى الله، يشيرون إليه بأصابعهم، حتى بعثنا الله له من يثرب، فيأتيه الرجل منا فيؤمن به، ويقرئه القرآن، فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه، حتى لم يبقي دار من دور يثرب إلا وفيها منا رهط من المسلمين يظهرون الإسلام، ثم بعثنا الله له فأتمرنا، واجتمعنا سبعين رجلا منا، فقلنا حتى متى ندع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرد في جبال مكة ويخاف؟ فرحلنا حتى قدمنا عليه في الموسم، فتواعدنا شعب العقبة، واجتمعنا فيه من رجل، ورجلين حتى توافينا عنده، وقلنا يا رسول الله على ما نبايعك؟

 

قال تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن تقوموا في الله لا تأخذكم في الله لومة لائم، وعلى أن تنصروني إذا قدمت عليكم يثرب، فتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم، وأبناءكم، وأزواجكم، ولكم الجنة، فقمنا إليه نبايعه، فأخذ بيده أسعد بن زرارة، وهو أصغر السبعين رجلا إلا أنا فقال رويدا يا أهل يثرب، إنا لم نضرب إليه أكباد المطي إلا ونحن نعلم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة، وقتل خياركم، وأن تعضكم السيوف، فإما أنتم قوم تصبرون على عض السيوف إذا مستكم، وعلى قتل خيركم، ومفارقة العرب كافة، فخذوه وأجركم على الله، وإما أنتم قوم تخافون على أنفسكم خيفة فذروه، فهو أعذر لكم عند الله، قالوا أمط عنا يدك يا أسعد بن زرارة.

 

فو الله لا نذر هذه البيعة، ولا نستقيلها، فقمنا إليه رجلا رجلا، يأخذ علينا شرطه، ويعطينا على ذلك الجنة” وأما عن ما ذكر عن مسجد الجعرانة، فقال حدثنا عمرو بن دينار، عن عكرمة عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر، عمرة الحديبية، وعمرة القضاء من قابل، والثالثة من الجعرانة، والرابعة التي مع حجته، وقال حدثنا أبو الوليد، قال حدثني جدي عن الزنجي، عن ابن جريج، قال أخبرني زياد أن محمد بن طارق أخبره أنه اعتمر مع مجاهد من الجعرانة، وأحرم من وراء الوادي حيث الحجارة المنصوبة قال من ها هنا أحرم النبي صلى الله عليه وسلم، وإني لأعرف أول من اتخذ هذا المسجد على الكمة، بناه رجل من قريش سماه، واشترى مالا عنده نخلا فبنى المسجد، وقال ابن جريج فلقيت أنا محمد بن طارق، فسألته فقال اتفقت أنا ومجاهد بالجعرانة.

 

فأخبرني أن المسجد القصي الذي من وراء الوادي بالعدوة القصوى، مصلى النبي صلى الله عليه وسلم ما كان بالجعرانة، قال فأما هذا المسجد الأدنى فإنما بناه رجل من قريش، واتخذ ذلك الحائط، وأما عن ما ذكر عن مسجد التنعيم، فقال حدثنا أبو الوليد، قال حدثني جدي، قال حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار، عن ابن خيثم، عن يوسف بن ماهك عن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن أردف أختك يعني السيدة عائشة فأعمرها من التنعيم، فإذا هبطت بها الكمة فمرها فلتحرم، فإنها عمرة متقبلة، وقال حدثنا أبو الوليد، حدثني جدي، قال حدثنا مسلم بن خالد، عن ابن جريج، قال رأيت عطاء يصف الموضع الذي اعتمرت منه عائشة قال فأشار إلى الموضع الذي ابتنى فيه محمد بن علي الشافعي المسجد الذي وراء الأكمة.

 

وهو المسجد الخراب، وقال الخزاعي ثم عمره أبو العباس عبد الله بن محمد بن داود وجعل على بئره قبة، وهو أمير مكة، ثم بنته العجوز وجودته، وأحسنت بناءه في سنة، وقد لوحظ في السياق السابق دقة الإمام الأزرقي العلمية، وتحقيقه الصحيح من الروايات، وبيان ما تصح نسبته إلى التاريخ النبوي الشريف، والتثبت منه كما هو مشهور، ومعروف عنه، فقد انتشر كتابه هذا بين الناس بسبب دقته، وتنوع أخباره، وصحة أسانيده، فمن ثم بقي مصدرا رئيسا للمؤرخين والرحالة، وأصحاب المناسك، وكتب الفضائل، حتى إن القارئ لا يكاد يجد واحدا من المؤلفين في الموضوع لم يعتمده في النقل، والإحالة عليه مباشرة في أغلب الأحيان، وبواسطة الناقلين عنه أحيانا أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى