مقال

الدكروري يكتب عن شهر الجهاد والصبر ” جزء 17″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن شهر الجهاد والصبر ” جزء 17″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء السابع عشر مع شهر الجهاد والصبر، ودائما متأخر يدرك ركعة، ومرة تفوته الصلاة، وواضح أن هذه النوعية وإن كان فيها خير وتذهب إلى الصلاة لكن عندها كسل، والكسل درجات، كسل يقعد صاحبه بالكلية، وكسل يضعف صاحبه، وكسل يقصره عن بلوغ المنزلة العالية التي تنبغي لمثل هذا الإنسان، وتأمل لوصف الله عز وجل للمنافقين، يقول الله تعالى فى سورة النساء ” إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا” فهم يهمهم الناس، فما تفكروا في رؤية الله عز وجل لهم، فإذا أردت أن تختبر نفسك فانظر لحالك إذا جاء وقت الصلاة وأنت مشغول، مشغول ببيع وشراء، عقد صفقة، شراء أسهم، بيع أسهم، وربما هذا الأمر يضرك في دينك ودنياك وأنت لا تدري.

 

يصرفه الله عنك لو كنت تصلى ولكنك جاهل فيقول تعالى ” والله يعلم وأنتم لا تعلمون” وإن من أنواع الكسل هو الكسل الفكرى، وهو أن تجد إنسانا مؤهلا لأن يتعلم، مؤهلا لأن يعرف ويطلع، فيه ذكاء، فيه سرعة بديهة، يتمتع بمواهب لا حصر لها، وطاقات هائلة، لكنه يقبرها ولا يستفيد منها، يميل إلى الراحة وقلة الحركة، طاقات مدفونة، مواهب منسية، والسبب هو الكسل وضعف الهمة، وكم من الشباب من إذا رأيته تلمس فيه حدة الذكاء، وتلمس فيه مواهب، ثم إذا رأيت حاله رثيت لحاله، تجده مع الأسف في طريق يسلكه لا ينجح فيه، والسبب هو ضعف الهمة والكسل، وإن من أنواع الكسل هو الكسل الجسدى، وهو مرض يهدد العالم بأسره، وخصوصا مع المدنية المعاصرة وآفاتها، فكم فات بعض الناس من المصالح الدنيوية والخيرات المتعددة بسبب الكسل.

 

وبعض الناس والله ربما يموت من الجوع بسبب الكسل، والكسل هو حرمان، كثيرون من الذين صاروا فقراء كان بإمكانهم ولا يزالون ألا يكونوا فقراء، لكنهم استمرؤوا الحال التى هم عليها، فصار الناس يعطونهم من الزكوات والصدقات وبقوا على حالهم، ولو أرادوا خاصة الشباب القادرين، لو أرادوا والله لاستطاعوا أن يكونوا أغنياء، لكن هذا المرض يخيم على رؤوسهم، فإن الكسل هو حرمان بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، وحرمان من الأجر، وحرمان من الثواب، وحرمان من رضا الله عز وجل، وحرمان من بر الوالدين، وبعض الناس يعرف بر والديه، ووالداه موجودان ولا يبرهما إلا بشيء يسير، والسبب الكسل، وضعف الهمة، ويطلب منه والده ووالدته أشياء هو قادر عليها ولكن يقعده الشيطان بالكسل، فيحرم نفسه هذا الحرمان العظيم.

 

فالكسل حرمان من العلم، والعلم والله له لذة خصوصا علم الكتاب والسنة، وحرمان من المعرفة، وحرمان من الثقافة، وحرمان من المال، وحرمان من السعادة، بل أعظم من ذلك أن يحرم الكسول من الراحة التي تعقب العمل، فإن الراحة لا طعم لها إذا كان الإنسان لا يعمل، إنه كسول فمم يرتاح؟ مثل الذى يستيقظ من النوم ويقول أريد أن أرتاح من النوم بعد النوم قليلا، فأنت نائم، فهل ترتاح بعد النوم؟ فإن الراحة لا طعم لها إلا إذا ذاق الإنسان طعم الجد وطعم النشاط وطعم النصر وطعم التعب، ثم تأتى الراحة فيكون لها طعم خاص ومذاق فريد، فالشقاء لابد منه للكسول ولو نفسيا، فالكسول يظن أنه يفر من الشقاء ووالله إنه واقع فيه، ومن كانت حياته كلها خمولا وكسلا تساوت عنده الأيام، فلن يشعر بطعم الانتصار ولا السعادة ولا الفوز ولا النجاح.

 

فإن الكسل تجميد للطاقات الإنسانية، وإفساد للحياة الاجتماعية، وشلل للحركة الاقتصادية، ونهايته على مستوى الأفراد ومستوى الأمم للأسف الشديد فقر وفشل عام في الحياة، ولو بحثت عن أسباب الكسل في المسلمين خاصة، ستجد أنه البعد عن شرع الله، لماذا؟ لأن حياة النبي صلى الله عليه وسلم كلها نشاط، لا وجود للكسل فيها إطلاقا، فانظر إلى حياة النبي صلى الله عليه وسلم، كانت أعجوبة مليئة بالحيوية والنشاط في كل المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى