مقال

الدكروري يكتب عن الإمام محمد بن الحسن الشيباني ” جزء 2″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام محمد بن الحسن الشيباني ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثاني مع الإمام محمد بن الحسن الشيباني، وبدأ الشيباني دراسته في الكوفة كواحد من تلاميذ أبي حنيفة، وعندما بلغ الشيباني عامه الثامن عشر وذلك في عام سبعمائة وسبع وستين ميلادي، توفي الإمام أبو حنيفة النعمان بعدما قام بالتدريس الشيباني لسنتين فقط، وشرع الشيباني بعدها يتدرب عند أبي يوسف، وكان أبو يوسف أكبر منه وأفضل تلميذ من تلامذة أبي حنيفة، كما درس الشيباني على يد عدد من الأساتذة البارزين، أمثال سفيان الثوري، والأوزاعي، وقد زار الشيباني لاحقا المدينة المنورة، ودرس هناك من سنتين إلي ثلاث سنوات مع الإمام مالك بن أنس، والإمام مالك هو مؤسس المذهب المالكي في الإسلام، وهكذا، ونتيجة لمتابعته العلم منذ صغره، أصبح الشيباني واحدا من العلماء في عمر مبكر جدا، ووفقا لما قاله إسماعيل حفيد الإمام أبي حنيفة.

 

فقد درّس الشيباني في الكوفة في عمر العشرين تقريبا، وانتقل الشيباني إلى بغداد، حيث أكمل دراسته وتعلمه هناك، وكان الشيباني ذو خلق كبير بين أقرانه، حتى أن الخليفة هارون الرشيد قلده منصب قاضي لعاصمته الرقة وكان ذلك تقريبا بعد عام سبعمائة وست وتسعين ميلادي، وأعفي الشيباني من هذا المنصب عام ثماني مائة وثلاث ميلادي، أي بعد تولية المنصب بسبع سنين، وعاد بعدها الشيباني إلى بغداد وأكمل نشاطاته التعليمية، وخلال تلك الفترة، كان للشيباني التأثير الأكبر على تاريخ العلم والعلماء المسلمين، حيث علم محمد بن ادريس الشافعي، وهو واحد من أهم تلاميذ الشيباني، ولاحقا، اختلف الشافعي مع معلمه وألف كتاب الرد على محمد بن الحسن، وبالرغم من ذلك، بقي الشافعي يكنّ أشد الاحترام والإعجاب لمعلمه الشيباني.

 

وقد أوكل الرشيد منصب القاضي إلى الشيباني مرة أخرى، حيث رافق الشيباني الخليفة عندما اتجه إلى خرسان، حيث عمل الشيباني هناك في منصب القاضي حتى وفاته عام ثماني مائة وخمسة ميلادي في الري وهي جزء من طهران في إيران حاليا، وقيل توفي الشيباني في نفس اليوم والمكان اللذان توفي فيهما النحوي واللغوي البارز الكسائي، لذا علق الخليفة الرشيد وقتها قائلا دفنت الفقه والنحو في يوم واحد، وتعتبر أعماله، التي يُطلق عليها جميعا ظاهر الرواية، وهذه الأعمال هي كتب المبسوط والجامع الكبير والجامع الصغير والسير الكبير والسير الصغير والزيادات، وكتب الشيباني مقدمة عن قانون الأمم، في نهاية القرن الثامن ميلادي، وهو كتاب يوفر توجيهات مفصلة عن الجهاد ضد الكفار، وتعليمات أخرى عن قوانين معاملة الرعايا من غير المسلمين.

 

وكما كتب الشيباني أطروحة ثانية أكثر تطورا وتقدما عن سابقتها، وحذى القضاة الآخرون حذوه وكتبوا عددا من الأطروحات، والمؤلفة من مجلدات متعددة، حيث ناقشت هذه الأطروحات القانون الدولي العام والخاص، وناقشت هذه الأطروحات الإسلامية المبكرة أيضا مواضيعا كتطبيق الأخلاق الإسلامية والاقتصاد الإسلامي والفقه العسكري الإسلامي في القانون الدولي ، كما طرحت أيضا مجموعة من المواضيع المتعلقة بالقانون الدولي الحديث، كالقوانين المتعلقة بالمعاهدات ومعاملة الدبلومسايين والرهائن واللاجئين وأسرى الحرب، بالإضافة إلى القوانين المتعلقة بحق اللجوء وقانون الحرب وحماية النساء والأطفال والمدنيين، والعقود التي تجرى خلال الحرب واستخدام الأسلحة السامة وتدمير أراضي العدو، وكان محمد بن الحسن الشيباني من أجمل الناس وأحسنهم.

 

قال أبو حنيفة لوالده حين حمله إليه، احلق شعر ولدك وألبسه الخُلقان أي الثياب البالية من الثياب لا يفتتن به من رآه، وقال محمد، فحلق والدي شعري، وألبسني الخلقان، فزدت عند الخلق جمالا، وقال الشافعي أول ما رأيت محمدا وقد اجتمع الناس عليه، فنظرت إليه فكان من أحسن الناس وجها، ثم نظرت إلى جبينه فكأنه عاج، ثم نظرت إلى لباسه فكان من أحسن الناس لباسا، ثم سألته عن مسألة فيها خلاف فقوى مذهبه ومر فيها كالسهم، وقد تتلمذ الإمام محمد بن الحسن على جملة كبيرة من الشيوخ، وقدر سرد العلامة الكوثري في كتابه بلوغ الأماني، أسماء نحو سبعين شيخا من شيوخ محمد بن الحسن منهم الكوفي، والبصري، والمدني والمكي، والواسطي، والشامي، واليماني، إلى أن قال وغير هؤلاء من أهل تلك البلاد وغيرها ولم يزهد في الرواية عن أقرانه وعمن هو دونه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى