مقال

الدكروري يكتب عن فضل العشر الأواخر من رمضان ” جزء 16″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن فضل العشر الأواخر من رمضان ” جزء 16″

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء السادس عشر مع فضل العشر الأواخر من رمضان، ومن الأعمال أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر شد المئزر، والمعنى أنه يعتزل النساء في هذه العشر وينشغل بالعبادة والطاعة وذلك لتصفو نفسه عن الأكدار والمشتهيات فتكون أقرب لسمو القلب إلى معارج القبول وأزكى للنفس لمعانقة الأجواء الملائكية وهذا ما ينبغي فعله للسالك بلا ارتياب، ومما ينبغى الحرص الشديد عليه في هذه العشر هو الاعتكاف فى المساجد التى تصلي فيها فقد كان هدى النبى صلى الله علية وسلم المستمر الاعتكاف في العشر الأواخر حتى توفاه الله وانما كان يعتكف فى هذه العشر التى تطلب فيها ليلة القدر قطعا لانشغاله، وتفريغا للياليه وتخليا لمناجاة ربه وذكره ودعائه, وكان يحتجز حصيرا يتخلى فيه عن الناس فلا يخالطهم ولا ينشغل بهم.

 

وقد روى البخارى أنه عليه الصلاة والسلام اعتكف فى العام الذي قبض فيه عشرين يوما، وإن من فضائل هذه الأمة أن الله أعطاها في كل سنة، فى كل رمضان، فى هذه العشر يوما فيه ليلة العبادة فيها تفوق العبادة فى ثلاث وثمانين سنة، فعندك فى كل ليلة قدر من كل سنة تمر بك في عمرك عبادة إنسان مُعمّر بهذه السنوات الطويلة كأنك عبدت الله فى ثلاث وثمانين سنة، كل سنة من السنوات، فتأمل فضل الله على هذه الأمة، وهوسبحانه وتعالى ذو الفضل العظيم، وفي هذه السنة تنقل مقادير الخلائق من الأرزاق، والآجال من اللوح المحفوظ، إلى صحف الملائكة، تفصل المقادير من اللوح المحفوظ الذي كتب الله فيه الأقدار قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وفى ليلة القدر من كل عام تفصل أقدار كل سنة من اللوح المحفوظ إلى صحف الملائكة لتقوم بإنفاذها.

 

فترى شخصا يمشى فى الأرض، وهو مكتوب في هذه السنة من الأموات، وما يقدر الله كل سنة من خير، ورزق، وصحة، ومرض، وحياة، وموت، وولد، ونحو ذلك من الأقدار كله في هذه الليلة ينقل إلى صحف الملائكة فهنيئا لمن أصاب ليلة القدر فسأل الله خيره، وسأل الله فضله، فقال الإمام النووى رحمه الله ليلة القدر مختصة بهذه الأمة زادها الله شرفا فلم تكن لمن قبلها، ما أدركها داع إلا وظفر، ولا سأل فيها سائل إلا أعطي، ولا استجار فيها مستجير إلا أجير، وكان السلف رحمهم الله يستحبون الإكثار من الدعاء تلك الليلة، وقال الشافعى رحمه الله:”أستحب أن يكون اجتهاده فى نهارها كاجتهاده فى ليلها” فإن هذه الليلة سمحة، طلقة، بلجة، منيرة، معتدلة، تطلع الشمس فى صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها، سالمة من الشيطان والعذاب، سلام هى حتى مطلع الفجر.

 

تتنزل الملائكة فيها إلى الأرض أكثر مما تتنزل في بقية أيام السنة حتى تكون في هذه الليلة أكثر من عدد الحصى على هذه الأرض، يكثر فيها من قول “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنى” ومن قامها إيمانا بثوابها، وفضلها، واحتسابا للأجر الوارد فيها غفر له ما تقدم من ذنبه، فيجمع العبد بين التصديق بالوعد، والطلب للأجر ليحصل له هذا، فالأعمال الصالحة لا تقبل إلا مع الاحتساب، وصدق النيات، وهذه الليلة من الليالى ينبغي أن تتحرى، وقد أخفاها الله تعالى لنجتهد في العبادة في كل ليالى العشر، لعل العبد أن يصيبها، فمما ينافى الحكمة الإلهية في إخفاء ليلة القدر، بأنه جزم بعض الناس بأنها ليلة كذا، فيصيب بعض الناس من الإحباط ما يصيبهم، ويقعد بعضهم عن العبادة فيما بقي، والاجتهاد لأجل رأى أطلقها شخص فى رسالة، فإذا كان الشرع أخفاها فأنت تسير مع مراد الشرع في الإخفاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى