مقال

الدكروري يكتب عن الإمام الأعمش ” جزء 1″

الدكروري يكتب عن الإمام الأعمش ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الإمام الحافظ الفقيه المحدث الأعمش هو سليمان بن مهران الأعمش أبو محمد الأسدي الكاهلي هو تابعي من حفاظ الحديث النبوي الشريف، ومُحدّث من الثقات، ولقبه الإمام شمس الدين الذهبي بشيخ المُحدّثين، وعده أصحاب الطبقات من الطبقة الرابعة من التابعين، وعاش الأعمش في الكوفة بالعراق، وكان محدثها في زمانه، وإن الإمام الحافظ سليمان بن مهران الأعمش هو أحد أئمة الإسلام المشهورين، وكانت كنيته أبو محمد، وأدرك الأعمش جماعة من الصحابة، وعاصرهم ورأى أنس بن مالك رضي الله عنه، وسمعه يقرأ ولم يحمل عنه شيئا مرفوعا، وأرسل عن ابن أبي أوفى، وتعلم من زيد بن وهب، وسمع من المعرور بن سويد وأبا وائل شقيق بن سلمة وعمارة بن عمير وإبراهيم التيمي وسعيد بن جبير ومجاهد بن جبر وإبراهيم النخعي والزهري، وكان عالما بالقرآن والقراءات والفرائض.

وقال أحمد بن عبدالله العجلي، سليمان بن مهران الأعمش يكنى أبا محمد، هو ثقة، كوفي، وكان محدث أهل الكوفة في زمانه، ويقال إنه ظهر له أربعة آلاف حديث ولم يكن له كتاب، وكان يقرئ القرآن، رأس فيه، قرأ على يحيى بن وثاب، وكان فصيحا، وكان أبوه من سبي الديلم، وكان مولى بني كاهل، فخذ من بني أسد، وكان عسرا، أي يستخدم يده اليسرى، سيئ الخلق، وقال أحمد بن عبدالله العجلي كان لا يلحن حرفا، وكان عالما بالفرائض، ولم يكن في زمانه من طبقته أكثر حديثا منه، ووُلد الأعمش يوم مقتل الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وذلك يوم عاشوراء، في شهر المحرم سنة إحدى وستين من الهجرة، وقيل أن أباه كان حاضرا مقتل الحسين، ولد بقرية أمه من أعمال طبرستان، وأصله من دماوند وهي نواحي مدينة الري، ودماوند هو جبل مشهور في شمال إيران.

وقال ياقوت الحموي في معجم البلدان ” هو جبل عالي جدا مستدير كأنه قبة، رأيته ولم أري في الدنيا كلها جبلا أعلى منه، ويظهر للناظر إليه من مسيرة عدة أيام والثلج عليه ملتبس في الصيف والشتاء كأنه البيضة وأنه يصعد من ذلك الجبل دخان يضرب إلى عنان السماء، والناظر إليه من الري يظن أنه مشرف عليه وأن المسافة بينهما ثلاثة فراسخ أو اثنان، وإن البرد فيها شديد، والريح عظيمة الهبوب، ودماوند من فتوح سعيد بن العاص في أيام عثمان بن عفان رضي الله عنه لما ولي الكوفة سار إليها فافتتحها، وذلك في سنة تسع وعشرين أو ثلاثين للهجرة، وقدم أهله به إلى الكوفة طفلا، حيث قدم والده مهران من الري إلى الكوفة سنة واحد وستين من الهجرة، ودخل في ولاء بني كاهل، وقيل بل كانت أمه حاملا به وولدته في الكوفة، وتعرض لمرض في عينيه في صغره.

وجراء ذلك أصابه العمش، وهو ضعف في البصر مع سيلان دمع، فاشتهر بهذا اللقب فيما بعد الأعمش، وكان الأعمش عالما بالقرآن والقراءات والفرائض والحديث، فقد قرأ القرآن على يحيى بن وثاب مقرئ العراق، وقيل إنه تلا على أبي العالية الرياحي، وقرأ عليه حمزة الزيات وزائدة بن قدامة، وقرأ الكسائي على زائدة بحروف الأعمش، قال سفيان بن عيينة كان الأعمش أقرأهم لكتاب الله، وأحفظهم للحديث، وأعلمهم بالفرائض، وقال محمد بن سعد البغدادي كان الأعمش صاحب قرآن وفرائض وعلم بالحديث، وقرأ عليه طلحة بن مصرف القرآن، وكان يُقريء الناس ثم ترك ذاك في آخر عمره، وكان يقرأ القرآن في كل شعبان على الناس في كل يوم شيئا معلوما حين كبر وضعف، ويحضرون مصاحفهم فيعارضونها ويُصلحونها على قراءته، وكان أبو حيّان التيمي يحضر مصحفا له.

كان أصحّ تلك المصاحف فيصلحون على ما فيه أيضا، وكان الأعمش يقرأ قراءة عبد الله بن مسعود، وقال هشيم بن بشير ما رأيت بالكوفة أحدا أقرأ لكتاب الله، ولا أجود حديثا من الأعمش، ولم يكن للأعمش كتاب، وكان يقرئ القرآن وهو رأس فيه، وكان فصيحا، وكان لا يلحن حرفا ولم يختم عليه القرآن سوى ثلاثة طلحة بن مصرف وكان أسن منه وأفضل وأبان بن تغلب، وأبو عبيدة بن معن، وكان الأعمش من النساك، وكان محافظا على الصلاة في الجماعة، وعلى الصف الأول، وظل سبعين سنة لم تفوته التكبيرة الأولى من صلاة الجماعة، وقال عبد الله الخريبي “ما خلف الأعمش أعبد منه، وقال عيسى بن يونس “لم نري نحن مثل الأعمش، وما رأيت الأغنياء عند أحد أحقر منهم عنده مع فقره وحاجته، وقال الذهبي كان عزيز النفس، قنوعا، وله رزق على بيت المال، في الشهر خمسة دنانير قررت له في أواخر عمره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى