مقال

الدكروري يكتب عن الرسول الكريم في بدر ” جزء 2″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الرسول الكريم في بدر ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثاني مع الرسول الكريم في بدر، فلقد خرج من بينهم في الثلث الأخير من الليل وهو يقرأ قول الله تعالى ” وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون” وذهب إلى دار صديقه أبي بكر وخرجا معا والليل لم ينته بعد إلى غار ثَور، واختبأ فيه حتى يئس كفار قريش من العثور عليهما، مع أنهم حين كانوا يفتشون، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه وقفوا فوق الغار، حتى لو نظر أحدهم تحت قدمه لرآهما، ولكن الله البالغ أمره، صرفهم عن رؤيتهما، وكان الحزن قد اشتد بأبي بكر، والخوف قد استولى عليه، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم طمأنه بقوله ” لا تحزن إن الله معنا” يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ ولقد بقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه فى الغار ثلاثة أيام، حتى وافاهما دليلهما، وسلك بهما طريقا غير معهود، حتى لا تعرفه قريش.

 

فتفسد عليهما خطتهما التي رسماها لبلوغ غايتهما، وتحقيق هدفهما، وفي أثناء مكثهما في الغار، كانت توافيهما في الغار أسماء بنت أبي بكر حاملة لهما طعامهما، وكذلك عبدالله ابنه ليطلعهما على أخبار قريش ومؤامرتهم ضد دعوة الحق وصاحبها، ثم راعى غنم أبى بكر صباحا ومساء، ليعطيهما من اللبن ما يريدان، وليذهب آثار أقدام عبدالله وأخته أسماء، ولما أعلنت قريش عن إعطاء من يرشد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدار ديته، وهو مائة من الإبل، أراد سُراقة بن مالك أن يكون الفائز بها، فركِب فرسه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه، بعد أن عرف من رجل من قبيلته طريقهما، إلا أنه لم يفز بما أراد، ورجع يصرف الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون، فارين بدينهم من مكة، وأدخلهم الله فى المدينة المنورة مدخل صدق.

 

بعد أن أخرجهم من القرية الظالمى أهلها مخرج صدق، وآووا إلى ركن شديد من الأنصار الذين أنعم الله عليهم، فألف بين قلوبهم، وجمع بالإسلام شملهم، وجعل بلدهم معقل الإسلام وحصن المسلمين، ودار العزة لله ولرسوله، وخلص المسلمون من أذى قريش وفتنتها التي كانت تحاول بها أن ترد المؤمنين عن دينهم إلى وثنيتها الجاهلية وعبادتها الموتى والأنصاب مع الله باسم الشفعاء والوسطاء اتباعا للظن وما تهوى الأنفس، بعد أن جاءهم من ربهم الهدى، وما كاد المسلمون يلقون عصا الترحال فى المدينة، محاولين نسيان قريش وما كان من شرها وأذاها وفتنتها، والانصراف عنها إلى شأنهم فى الحياة الجديدة فى دار الهجرة، حتى تواتر إليهم أن قريشا تسلقهم بألسنة حداد، وتنظم الشعر في الطعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وترويه السفار يتنقلون به في أطراف الجزيرة.

 

وتشبب بنساء المؤمنين، وتقول السوء ترمي به المحصنات الغافلات المؤمنات، ورسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون صابرون على ذلك حتى أذن الله لهم في رد العدوان ودفع الأذى، فبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث السرايا تغير على سرح قريش وأموالها التي هي عندها أعز من أرواحها، فكانت تعود من هذه الأموال بغنائم تغيظ المشركين وينفع الله بها المؤمنين، ويزدادون بها قوة وعزة، حتى بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قريشا قد أعدت مالا كثيرا سيخرج به أبو سفيان بن حرب مع نفر تجار إلى الشام، فما كاد يستعد لها حتى فاته أبو سفيان ذاهبا إلى الشام، فتربص رسول الله صلى الله عليه وسلم عودة أبي سفيان وأخذ يتحسس أخباره، حتى جاءه الخبر بقفوله من الشام، فانتظر حتى كان بحيث يدركه ويناله أمر المسلمين من كان ظهره حاضرا أن يتعجل الخروج للقاء عير قريش.

 

وأخذ أموالها التي كانت ألف جمل بأحمالها من حاصلات الشام، وليس معها إلا أبو سفيان في ثلاثين رجلا، ففصلوا من المدينة يوم السبت لاثنتى عشرة ليلة خلت من شهر رمضان، على رأس تسعة عشر شهرا من الهجرة فى ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا، منهم أربعة وسبعون من المهاجرين والباقى من الأنصار، معهم فرسان فقط أحدهما للمقداد بن الأسود والآخر لمرثد بن أبي مرثد، وقيل للزبير بن العوام، وسبعون بعيرا يعتقب كل ثلاثة بعيرا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واحد من ثلاثة على بعير كذلك، لم يرض إلا أن يكون واحدا منهم، وساروا يجدون السير حتى كانوا قريبا من الصفراء، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبس بن عمرو الجهني وعدي بن الرعباء يتجسسان أخبار أبي سفيان وعيره، وكان أبو سفيان هو كذلك يتجسس أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى